البيانات و«كورونا»
ناقشني كثير من الزملاء، أخيراً، عن الحجم الهائل من التنبيهات التي نتعرّض لها يومياً عبر التطبيقات المختلفة التي نستخدمها في عملنا وحياتنا، وكان فحوى سؤالهم: كمتخصص في البيانات كيف يمكن أن نُبقي على اتصالنا بما يهمّنا ولا نُصاب بالإجهاد وتشتت الأفكار؟ ثم يخبرونني كيف أنهم يفكرون كثيراً في هجر تطبيقات أو إقفال تنبيهاتها، ثم يتراجعون في ظل الحاجة الملحّة.
- استهلاك البيانات في وقت «كورونا» يجب أن يكون محدداً ومن مصادر موثوقة. |
هذه النقاشات كانت قبل أن يبلغ «كورونا» ذروته عالمياً، واليوم في ظل فيضان البيانات المتعلّقة بفيروس «كورونا»، وجدت من الضروري في لحظات البيانات أن أتحدّث إليكم عن البيانات و«كورونا».
كان ردّي على الاستفسارات وقتها أن التعامل مع البيانات مهما اختلف شكلها بحياتنا يتوقّف بالنسبة لي على ثلاثة عوامل هي: إدارة الوقت والتحكّم بوقت التعرّض الأكبر لها، وتصنيف البيانات حسب أهميتها بالتمييز بين ما يهم والأقل أهميّة أو يمكن وقف تدفّقه، ووضع الأولويات، فما كان يلزم في مرحلة ما قد لا يكون ضرورياً الآن.
أكتب لحظات البيانات هذه وقد أصبح العمل عن بُعد وتقليل الحركة غير الضرورية في المدن أولوية لصحة وسلامة الجميع وواجباً وطنياً، وبينما يجلس الإنسان في المنزل يكون تعرّضه للبيانات أكبر من أي وقت مضى سواء عبر نشرات الأخبار أو تنبيهات وسائل التواصل الاجتماعي أو مجموعات الاتصال مثل «واتس أب» وغيرها، لدرجة أن البيانات العشوائية التي يسمح الإنسان لنفسه التعرّض لها ضررها على الصحة النفسية والإنتاجية كبير جداً ويمكن أن يُصبح وبائياً كالفيروس، لذا يجب أن يكون لنا، أفراداً ومؤسسات، منهجية تناسب البيانات في زمن «كورونا».
استهلاك البيانات في وقت «كورونا» يجب أن يكون محدداً ومن مصادر موثوقة والمتعلّقة بالفيروس خصوصاً، لأن تغيّر روتين الحياة اليومي بإغلاق الكثير من المرافق العامة والإجراءات الوقائية على المستوى العملي والشخصي يجعلنا متيقظين وأكثر تأثراً ذهنياً بما نقرأ أو نرى أو نسمع، وفي الإمارات قدّمت دولتنا نموذجاً متميزاً في إدارة الجانب البياناتي من خلال الشفافية في الإعلان عن الحالات الجديدة وتلك المتعافية، وغيرها من بيانات الإرشادات الوقائية ونحوها.
قراءة البيانات فن ومهارة يتقنها كثيرون ويستطيع غيرهم اكتسابها، ومن أبسط أمثلتها أن نُقارن أي رقم نقرأه بالأرقام الأخرى المتاحة عبر القنوات الموثوقة الرسمية، فمثلاً عدد حالات المصابين بـ«كورونا» في دولتنا مقارنة بغيرنا حول العالم يُظهر كفاءة وفاعلية دولتنا في إدارة الوقاية من الفيروس، ودورنا نحن أن نكون مسؤولين في استهلاك البيانات ومشاركتها في زمن «كورونا».
- مساعد المدير العام لـ«دبي الذكية» المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .