رأي رياضي
التحليل الرياضي
في الدول المتقدمة وفي وسائل الإعلام الرياضية التي صنعت حضورها العالمي يُنظر للتحليل الرياضي كموهبة (كاريزما) وخبرة، أما اكتسابه فلا يتجاوز نسبة 10٪ في أحسن الأحوال. التحليل الرياضي أصبح علماً وفناً، ويعتبر جزءاً أساسياً احترافياً في البرامج الرياضية في القنوات العريقة والمميزة.
في الوصف العلمي لمهنة «التحليل الرياضي» أنه تقرير فني حيادي يتناول بالتحليل العلمي المدعم بالحقائق والأرقام مسارات عطاء مدرب أو لاعب أو حكم أو إداري أو فريق في مسابقة واحدة أو عدد من المسابقات، خلال فترة معينة، للتوصل إلى حقائق ملموسة ونتائج هي خلاصة ما يود الناقد قوله في شكل توصيات فنية وإدارية هدفها الإسهام الفعلي في تحقيق الفائدة المرجوة لهؤلاء جميعهم، سواء للارتقاء بمستوياتهم الفنية أو تصحيح مسارات عملهم، إلى جانب رفع مستويات الوعي الجماهيري.
ومن باب الإنصاف فإن مقولة «التحليل الرياضي أصبح مهنة من لا مهنة له» لا يمكن تعميمها، والحقيقة أنه ليس كل لاعب كان مميزاً في الملاعب سيكون كذلك أمام كاميرا التحليل الرياضي.. لا نعمم ولكن الحقائق على أرض الواقع تؤكد أن العلاقات الشخصية والقرب من أصحاب القرار في القنوات الرياضية هما السبيل نحو امتهان التحليل الرياضي، لكن هذا لا يمنع من وجود محللين على قدر من الثقافة والمعرفة والقدرة في وسطنا الرياضي.
التحليل أصبح اليوم وظيفة بعد أن كان هواية، غير أن هذه الوظيفة لم ينجح فيها بشكل فعلي إلا من يملك أدواتها، أهمها الثقافة العامة من فصاحة في القول وحجة في المنطق وسرعة بديهة، فضلاً عن خبرات سابقة إما أن تأتي بالممارسة أو المتابعة أو الدراسة والدورات، والحقيقة تؤكد أنه ليس كل نجم يصلح محللاً رياضياً.. غياب المهنية في تاريخ التحليل الرياضي العربي تحدٍّ كبير، وبعض المحللين في البرامج الرياضية سبحان مغير الأحوال بين كل جولة وجولة، تارة يمدحون المدرب أو اللاعب حتى يوصلونهما إلى عنان السماء من المدح، وتارة أخرى يذمون المدرب أو اللاعب نفسه، ويطالبون بإقالة المدرب أو تغيير اللاعب في فترة الانتقالات! وبعض المحللين باتوا يتواجدون للدفاع فقط عن النادي الذي يشجعونه لدرجة تصل إلى إحداث حالة من الفوضى أثناء النقاش.. هناك فرق شاسع بين محلل رياضي يحلل المباراة وبين من يقوم بوصف المباراة! لعل من أكثر المناطق اشتباكاً في الطرح والحديث هي منطقة المحللين في البرامج الرياضية، لاسيما المشهد الكروي الذي اتسعت فيه نوافذ التحليل والمتابعة المغلوبة بالميول أحياناً، وبالتمثيل والتهريج، وتجمهر حولها من يظن أنها تنتصر لميوله وتوافق تطلعاته فهاج وماج في الأفق، تلاسنٌ عالٍ وصراخٌ متزايد بات يتبع كل مباراة تقريباً.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .