5 دقائق
البشر هم البشر
في المياه الهادئة وفي الموانئ تتساوى السفن، وتبدو صالحة للإبحار، ولكن في العواصف تظهر الحقيقة، ليس فقط في ما يخص السفن، بل في ما يخص البحّارة، وكذلك ركاب السفينة، وعلى مر العصور، كانت ولاتزال الشدائد هي المحك الرئيس والكاشف لكل العوار والادعاءات والصور الذهنية الكاذبة التي يمكن للبعض أن يرسمها لنفسه، ويصدّقها الآخرون، بل يصدقها صاحب الصورة. لعقود طويلة، انبهر معظمنا بالنهضة والرقي والتقدم في الغرب، خصوصاً في أوروبا، ولكن يبدو أن الظروف التي يمر بها العالم أظهرت حقائق كثيرة، منها أن الديمقراطية مجرد شعارات وسلاح يستخدم فقط وقت الحاجة، وأن الرفاهية والرعاية الصحية ذات الخمس نجوم ما هي إلا صورة نمطية لا تقترب من الحقيقة.
في بريطانيا، على سبيل المثال، بدأت نوعية جديدة من جرائم النصب، مستغلين الأزمة الحالية، فقد قام بعض المحتالين بإنشاء موقع يحاكي موقع هيئة الصحة الوطنية، ويطلب من الناس دفع مبالغ نقدية مقابل التحدث لأحد الأطباء، وفي واقعة أخرى تمت سرقة وجبات غذائية معدة للأطفال مستحقي الرعاية، كما انتشرت حالات النصب على كبار السن، حيث يذهب إليهم البعض كمتطوعين للتسوق، ثم يأخذون المبالغ المالية أو بطاقات البنك، ويختفون بعد ذلك، والأمثلة كثيرة جداً، يتساوى في ذلك كل دول العالم، فلايزال الجشع هو المسيطر، ومبدأ «نفسي نفسي» هو السائد، ففي بعض الدول لم تتم معاملة الموظفين بالكيفية التي تستدعيها هذه الظروف العالمية، كما تم تجاهل الفئات الأكثر ضعفاً، مثل كبار السن وأصحاب الهمم.
وعلى الرغم من هذه السلبيات، ظهرت أيضاً جوانب إيجابية متعددة، وسلوكيات متنوعة، تعكس تعاضد البشر، حيث كان هناك المتطوعون والمتبرعون، وهناك من يخاطرون بأرواحهم، مثل الكادر الطبي وكل العاملين بالقطاع الصحي، وعمال محال التجزئة، وعمال التوصيل، والكثير من المدرسين ومتخصصي الرعاية، الذين تستدعي الظروف استمرارهم في أداء مهامهم، وكذلك الجيوش وأفراد الشرطة، الذين يسهرون على استتباب النظام والأمن في ظل هذه الظروف الحرجة. لقد اتفق العالم أجمع على أن الحياة لن تعود كما كانت من قبل هذه الأزمة، ولكي لا تمر هذه التجربة القاسية مرور الكرام، لابد لنا جميعاً من تذكر الدروس، وتوثيقها، وتضمينها في المناهج الدراسية، حتى لا ننسى، وحتى تتعلم الأجيال المقبلة. نحتاج لآليات تساعدنا على تعلم الدروس وتطبيقها، لتلافي الآثار السلبية، ورفع جودة الحياة للأجيال المقبلة.
@Alaa_Garad
Garad@alaagarad.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .