5 دقائق
من دون بلاغات
نصت المادة رقم (30) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة على أن: حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون، أي أنه بصريح العبارة مسموح لي ولغيري التعبير بأي طريقة كانت، وأن انتقد أي جهة أو شخص، طالما لم أتجاوز حدود الأدب، وبطريقة ليس بها قذف وشتم وتشهير.
ومع وضوح نص المادة، إلا أن ما يحدث، سواء كان ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها، بات أمراً مثيراً للاستغراب بصورة مخجلة وغير حضارية. يكتب أحدهم تغريدة ينتقد فيها جهة معينة، وسوء الخدمة فيها، فيقفز أحد تجار الوطنية غاضباً منها، ليوزع عليه صكوك الخيانة، ويطلب منه مسح التغريدة، وقد يمزح أحدهم بمزحة بريئة، ثم يعتذر عنها، ولكنه بالتأكيد سيجد من يترصد له، ويرسل عشرات البلاغات إلى وزارة الداخلية والشرطة وجهاز الأمن الوطني، لأن تلك المزحة لم تعجبه، وفسرها تفسيراً سيئاً، فوجد أن صاحبها يستحق العقوبة.
المثير للجدل أن البعض يمارس هذا الأسلوب على غيره، ويسمح لنفسه ما يرفضه لغيره، فمسموح له انتقاد الأوضاع التي لا تعجبه، ويحق له ممارسة الانتقاد بقسوة تجاه الأشخاص والمؤسسات، متوهماً أنّه الحبة الأخيرة من الوطنية، أما من يختلف معه فليس مقبولاً منه أي انتقاد أو طرح يتعارض مع أطروحاته وأفكاره.
هناك من لا يدرك أن حرية التعبير حق من حقوق البشر، سواء كانوا يعيشون في دولة متخلفة أو دولة متقدمة، فلا يمكن سلبهم هذا الحق أو مصادرته، أو المزايدة عليه، طالما أنه لم يخالف القانون، ولم يسيء إلى أي شخص أو يتعارض مع المحظورات التي تطرق إليها القانون، لذا دعوا الآخرين يعبروا عن آرائهم وأفكارهم، سواء اتفقتم معها أو اختلفتم، ولنرتقِ قليلاً في تعاملنا مع الرأي الآخر، ولنتقبل الانتقاد بصدر رحب، ولا نشغل الجهات المختصة بتغريدات وفيديوهات عادية لأنها لم تعجبنا ولا تتوافق مع ذوقنا، فهذه الجهات لديها مشاغل وملفات وقضايا أكبر من تغريدة تافهة كتبها شخص جاهل، لا يعرف كوعه من بوعه.
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.