بفضل هذه المبادرات سيعود الاقتصاد قوياً كما كان
مواطن إماراتي في أبوظبي تنازل عن إيجارات لمبانٍ تصل إلى خمسة ملايين درهم، وذلك لتفهمه صعوبة الظروف التي يمر بها ذلك النشاط الاقتصادي الذي يمارسه المستأجر، لم يؤجل الأقساط الإيجارية، بل تنازل عنها، فعل ذلك عن قناعة، ورغم أنه لا يصنف من فئة رجال الأعمال المتخصصين في المال والأعمال، إلا أنه يقول: الأمور واضحة، وأدرك تماماً أن المستأجر يمر بصعوبات حقيقية، لذلك لم أتردد في مساعدته، كما أنني على ثقة بأن الأوضاع ستتحسن وسترجع كما كانت، شريطة أن يقف كل منّا مع الآخر.
وفي دبي كشف مركز فض المنازعات الإيجارية، الذراع القضائية لدائرة الأراضي والأملاك في دبي، عن توصله ودياً إلى حل نزاع إيجاري، تنازل فيه مالك عقارات مواطن أيضاً لمستثمر مستأجر عن 1.5 مليون درهم، بدلاً إيجارياً عن أربعة أشهر.
وقال مالك العقارات إن ما قام به هو جزء من مسؤوليته المجتمعية تجاه وطنه في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم والمنطقة، وتتطلب تعاون الجميع وتكاتفهم.
وبالتأكيد هناك العشرات من الحالات المشابهة، حدثت في الإمارات، عشرات إن لم يكن مئات من الملاك المواطنين، سمعنا عن بعضهم، ولم نسمع عن غالبيتهم، تخلوا عن حقوقهم المالية، وتنازلوا عن مبالغ إيجارية تقدر بمئات الملايين، فعلوا ذلك لأنهم تشربوا الإنسانية، ولأنهم يدركون معنى التراحم، والوقوف بجانب المتضرر، ومساعدة ذلك الإنسان المتضرر للوقوف مجدداً على قدميه، بدلاً من التفكير الضيق في مصلحة مالية مؤقتة، يلحقها ضرر طويل الأمد!
إنها بالفعل جزء من المسؤولية المجتمعية تجاه الوطن، فهذا التراحم، وهذه المواقف، علاوة على كونها نبيلة وإنسانية، فهي تساعد دون شك على تماسك الأنشطة الاقتصادية، واستمراريتها، وبقاء المستثمرين، ولها بالغ الأثر في اجتياز هذه المرحلة الصعبة، واستعادة النشاط في فترة زمنية أقل، ما يؤدي إلى نتائج اقتصادية إيجابية، وهي أفضل بكثير مما قد يحدث، لو خرج كل مستثمر تضرر بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد من السوق!
تطبيق عملي لمبادئ الدين والعادات العربية الأصيلة، وتطبيق واقعي سريع لتوجيهات القيادة الرشيدة، فهذا ما دعا إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، فهو أول من رفع شعار «الجميع اليوم مسؤول عن الجميع»، وهذا ما يطالب به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في جميع كلماته وتصريحاته، فهو يدعو للتكاتف والتعاضد والتعاون الدائم لعبور هذه الفترة الصعبة.
وبفضل هذه المبادئ، وهذه المبادرات الإنسانية، وهذا التعاون والتفهم، ستعبر الدولة هذه الأزمة، وستعود أقوى مما كانت عليه اقتصادياً وتجارياً وإنسانياً واجتماعياً، فمثل هذه الجهود لا تضيع سدى أبداً.
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.