5 دقائق
قصة الرجل الأصلع
كان هناك رجل أصلع، يتحرش كثيراً بجيرانه ويؤذيهم، وهو مكروه من الجميع. واشتهر الرجل الأصلع باستضافة رعاع الحي في منزله، أو تسكعهم حوله. الرجل الأصلع مغرور وينتقد الجميع، ولا يحب أن ينتقده أحد.
خلف منزل الرجل الأصلع هناك بيت امرأة عجوز، وتلك العجوز مشهورة بزراعة العنب، حاولت العجوز بيع العنب على سكان الحي، لكنها لم تتمكن بسبب تصرفات الرجل الأصلع الذي كان يشتري منها العنب، لكنه لا يسمح لأحد آخر بشرائه، ويحاول إفساد عمليات الشراء من الجميع.
ذات مرة أراد رجل حكيم، يعيش بعيداً عن بيتَي الرجل الأصلع والمرأة العجوز، أن يشتري عنبها لزوجته التي رغبت فيه بشدة. ذهب الحكيم إلى جار نبيل، وسأله عن إمكانية ذلك. فقال النبيل إن ذلك ممكن، لكن هناك مشكلة الرجل الأصلع الذي يرى نفسه فوق الجميع، صحيح أنه لن يستطيع منع الحكيم، لكنه في أسوأ الأحوال سينتقده علناً، بغرض تشويه سمعته.
نصح النبيل الحكيم بالمضي قدماً، وعدم الالتفات إلى الرجل الأصلع. ومضى الحكيم بالفعل، واشترى عنب العجوز التي فرحت كثيراً بقدوم الحكيم، واعتبرته شجاعة نادرة في الحي.
جن جنون الرجل الأصلع، عندما علم بما فعله الحكيم، وأخذ يزبد ويرعد ويهدد. ابتسم الحكيم وتجاهله، لأنه يعلم أنه لم يرتكب خطأ بعملية الشراء تلك. أخذ الرعاع يتحدثون بسوء عن الحكيم، ويشوهون سمعته الطيبة، وسط استياء عام من أهل الحي.
وأخذ الرجل الأصلع يردد ما يقوله الرعاع لكل من يلتقيه، والرعاع يكررون ما يقوله الأصلع، الذي يجتمعون في منزله، أو يتسكعون حوله في ذلك الحي.
قرر الرجل الأصلع، المعروف بدناءته، أن ينفذ عملاً تخريبياً في مزرعة العجوز، فأرسل أحد الرعاع لتنفيذه. العجوز لم تكن هينة أبداً، فقد امتلكت ثلاثة كلاب شرسة جداً، شمت رائحة أحد الرعاع المكلف بالتنفيذ، ومزقته إرباً.
تضايق الرجل الأصلع بشدة من فشل خطته، وأخذ أحد الرعاع إلى مستشفى لتطبيبه، وهناك سمع الرجل الأصلع صوت رجل عنيد يعرفه، ينتقد شراء الحكيم العنب من العجوز.
الرجل الأصلع والعنيد يكرهان بعضهما بعضاً بشدة، لكن ما قاله الثاني أفرح الأول، الذي أخذ يردده على الجميع. لم يكن العنيد معروفاً في الحي، وكان منطوياً على نفسه، لكن عندما نقل الرجل الأصلع انتقاد العنيد للحكيم، تذكر أهل الحي العنيد المنسي.
لم تكن هناك مشكلة بين العنيد والعجوز، لكن الأول كان يسمع ما يقوله الأصلع عنها من وراء ظهرها ويصدقه، وهذا سبب كراهيته لها.
ولم تكن هناك مشكلة بين الحكيم والعجوز، لكن الأول لم يسمع عن العجوز إلا ما روجه عنها الأصلع الدنيء، وعندما قرر التعامل معها بشكل مباشر، لم يَرَ شيئاً من الذي سمعه عنها.
عندما يشوه طرف سمعة طرف آخر، ويمتلك الأدوات اللازمة للغرض، تتكون طبقة كثيفة من الأكاذيب تغطي الحقيقة.. قرار اختراق طبقة الأكاذيب شجاع، ويتطلب جرأة.. الناس ستتذكر الجرأة، وتنسى الأكاذيب.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
قرار اختراق طبقة الأكاذيب شجاع ويتطلب جرأة.. الناس ستتذكر الجرأة، وتنسى الأكاذيب.