«علي بابا» و«افتح يا سمسم»
المحتوى العربي ثري، ودلالة ذلك تواتر السرقات الأدبية والاقتباسات العديدة من «هوليوود» إلى استثمارات آسيوية في صناعة «كرتون» بمحتوى عربي صرف، ومن روايات «ألف ليلة وليلة» إلى صناعة الفن السابع.
إن اتخاذ موقف مشترك يحمي أجيالنا المقبلة من رسم صورة مشوهة للعرب، ويوثق حجم ما عاناه أجدادنا من خيانات، أو إساءات تاريخية، أو نهب للموروث الإسلامي المسلوب والمعروض في متاحف عالمية أو عثمانية، سلباً لا طوعاً، يستوجب سرداً للمواقف البطولية العربية إزاء الاعتداءات والانتهاكات والجرائم الواقعة ضد الإنسانية، فتاريخنا الإنساني مملوء بالمواقف المشرفة من «ذي قار» إلى مساعدة المهاجرين من جرائم حرب العالم، فنحن لا نتحدث عن جدلية الجرائم ضد الأرمن، ولا عن «أخوة التراب»، التي استعرضت جرائم السفاح محمد باشا، وامتناع بعض القنوات العربية عن عرض المسلسل، ومناظر الخوازيق والتعذيب العصملي، واختطاف سكان أهل المدينة المنورة بالقطار، أو خطف الحرفيين من دمشق والقاهرة. بل نتحدث عن تاريخ بدأ يتضاءل ويمحى من ذاكرة أجيال المستقبل، وصناعة سينمائية مغيبة لانعدام رغبة البعض في إثارة الجدل، أو طرح جانب مهمل من قصص الوطن العربي، الذي تعرض لاستعمار تمسّح باسم الإسلام، وكان بسوء جرائم المغول إن لم يكن أسوأ، لطول مدة استعماره.
إن تاريخنا جميل وثري المحتوى، ويمكن أن يسهم في صناعة ثقافية اقتصادية بل وحتى سياحية، كما أن أهمية عرضه وتوثيقه تنعكس بتجارب دول أخرى، مثل «إيزابيلا»، التي تحولت من سفاحة إلى قديسة وبطلة لمعت تاريخياً، وأخفيت جرائم محاكم التفتيش، والتعذيب الذي رسخته ومارسته بحقد أعمى.
إننا أمام مسؤولية تتطلب أن نلمع تاريخنا، فإن قصّرنا، فإن أبناءنا سيفتخرون بتاريخ الآخرين، ونخسر حقبة مهمة من الحضارة الإنسانية، فبفضل ثقافة حلم الغرب المتوحش، أصبح شباب العالم يحلمون بأرض الأحلام، نتيجة غسل أدمغة وحملات دعائية مستمرة إيجاباً وسلباً، بينما على أرض الواقع، فإن الحلم لا يعدو سراباً ووهماً بأرض الميعاد، وكل ذلك بسبب تأثير الإعلام والسينما.
إن إنشاء منصة عربية، كما أشار الكاتب الزميل عبدالله النعيمي، لمنصة «نتفليكس» وغيرها، ضرورة تتطلبها المرحلة الحالية، فالمحتوى الرقمي العربي مهلهل، و«ما حك جلدك مثل ظفرك»، ولن يغسل أدمغة أبنائنا ويعقمها سوانا!
إن نجاحاتنا الرقمية متميزة، وسيكملها إنشاء محتوى رقمي مناسب، بل إنه ضرورة اقتصادية واستراتيجية صارت وجودية لا رفاهية، وبلغة الأرقام، فإن نجاحات شبكات مثل «نتفليكس» بقدرات تحليلية على الأفلام والمسلسلات الأكثر رواجاً، تحفز هذا الاستثمار.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
مستشار إداري داخلي غير مقيم في مركز الإمارات للمعرفة الحكومية والاستشارات بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية