الأمان بالبيانات
في كل مرة أقرأ عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «نحن لا ننتظر الأحداث بل نصنعها»، أرى معناها متجسداً في خطوات دولتنا، ومن أهمها بناء المستقبل وعدم انتظاره، لذلك حتى التقنيات التي يتم تبنّيها في دولة الإمارات لها بُعدٌ مستقبلي، وتُقاس أهميتها بما ستعنيه في حياة الناس، ليس اليوم فقط، بل لعقود مقبلة.
هذه المرة أردت في «لحظات البيانات» الحديث عن الإضافة لتجربة أمان الإنسان في الإمارات، التي تقوم على توظيف البيانات عبر تقنية إنترنت الأشياء «مجسات» في الوقاية من الحرائق، الإضافة ليست في نوع التقنية، بل في مساحة وتوجيهات تطبيقها.
صدر أخيراً قرار لمجلس الوزراء، يُلزم جميع ملاك المنازل السكنية بتركيب أجهزة كاشف الحرائق، والاشتراك في النظام الإلكتروني للقيادة العامة للدفاع المدني، كما نصّ القرار على قيام الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية المعنية بتراخيص إنشاء المنازل السكنية في الدولة باشتراط تركيب أجهزة كاشف الحرائق، والاشتراك في النظام الإلكتروني، كشرط لمنح شهادة إنجاز المنزل السكني.
واستوقفني الخبر، ليس فقط لأهميته الاستراتيجية في صون الأرواح وأمان الإنسان، وهي الأولوية الأولى في رؤية القيادة، بل لارتباطه بالانتقال لتوسعة نطاق الأمان الذكي القائم على تحليل البيانات الحية اللحظية، عبر ربط أجهزة رصد الحرائق بالنظام الإلكتروني للقيادة العامة للدفاع المدني.
هذه الخطوة فيها توظيف لتقنيات إنترنت الأشياء، والمتمثلة بمجسّات الحرارة والدخان المتعارف عليها، التي بدورها تغذي النظام ببيانات لها آثار متعددة، آنية ومستقبلية.
وأردت هنا مشاركتكم إياها من وجهة نظر المدن الذكية وعلوم البيانات: البُعد الأول الفوري هو تكوين فهم وطني خاص لحوادث الحريق، يكون كل منزل جزءاً منه، وبالتالي تعزيز قدراتنا في هذا المجال كإنجاز يُضاف لإنجازات وزارة الداخلية والدفاع المدني على وجه التحديد.
والبعد الثاني هو أن ربط جميع المنازل بالأجهزة خلال ثلاث سنوات فرصة لبناء منظومة إنذار مبكر وطنية، تُعزز مع الوقت اتخاذ القرار الذكي، ورفع كفاءة توظيف القدرات والإمكانات المخصصة لمواجهة الأزمات، أما البعد الثالث، فهو أن إلزامية تركيب أجهزة الإنذار من الحرائق هو مساحة للتوسع مستقبلاً في نوعية البيانات التي يمكن الحصول عليها، مثل سلامة الهواء الداخلي، وأنظمة المنازل الذكية، وغيرها من التطبيقات القائمة على تحليل البيانات، فتكون النتيجة أماناً بالبيانات ليس من الحرائق فقط، بل أمان بيئي، وأمان لمستقبل الطاقة في دولتنا التي تعتبر رائدة في هذا المجال بامتياز.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
«التقنيات التي يتم تبنيها في الدولة لها بعد مستقبلي وتُقاس أهميتها بما ستعنيه في حياة الناس».