خارج الصندوق
«الكاش باك».. تتعدد المسمّيات والهدف واحد
كنت تطرقت في موضوع سابق لظاهرة استرداد العمولة وتأثيراتها في سوق الوساطة العقارية والقطاع، ولأن الظاهرة انتشرت كثيراً، حتى وصلت لأبواب كبار المطورين الذين بدأوا فعلاً في التحرك والتصدي لها، أردت أن أناقش الموضوع مرة أخرى ومن وجه آخر حسب اختلاف الأوجه التي تتخذها هذه الظاهرة في السوق.
«الكاش باك» Cashback أو «الكيك باك» Kickback، تعددت المفاهيم والمسميات، لكن الهدف واحد.. ظاهرة نمت وتطورت بسبب وسيط يبحث عن إنجاح صفقة بيع مقابل التنازل عن حقه في العمولة للمشتري، لرفع رصيد صفقاته وتصنيفه على مستوى الدائرة، وكل ذلك على حساب سمعته وسمعة السوق في الواقع.
هذا الوسيط لم يكتفِ بإرجاع العمولة للمشتري فقط، بل أخذت الظاهرة شكلاً آخر، من خلال إغراء المشتري أنه بإمكانه توفير مزايا خاصة له لا يمكنه الحصول عليها من المطور مباشرة، وربّما تتعدد هذه المزايا حسب نجاح هذا الوسيط في نسج خيوطها بعقل المشتري، ليغطي «فشله» في استخدام الطرق القانونية والمعتادة لجذب المتعاملين.. معقول! بالمنطق وبالعقل أيها المشتري هل يمكن للوسيط أن يمنحك مزايا أفضل من المطور نفسه؟ عدا التفاوض على السعر أو تعديل بند ما من عقد الشراء أو متابعة عملية الشراء لغاية التسليم، لا يمكن للوسيط أن يقدم لك شيئاً خارج حدود المطور والقانون.
وبالمناسبة من يقدّم لك هذه الخدمات هم الوسطاء المتمكنون والمحترفون فعلاً بالسوق، وليس الوسيط الذي يرجع لك العمولة، لأن العمولة التي يرجعها لك قد لا تقارن بما يتم خصمه من سعر الوحدة عند التفاوض.
نثمّن جهود المطورين وتفطنهم للظاهرة والبحث في مكافحتها من خلال إرسال مجموعة إشعارات إلى الوسطاء، لحماية حقوقهم وحقوق الوسيط وحقوق السوق عامة، ولدعم الجهود لتحسين الأداء في تسويق وبيع المشروعات العقارية التي تشهد تحسناً مستمراً في نمط الطرح والنوعية، وتعزيز عجلة الجذب الاستثماري وتحقيق الأرباح لإنماء نسبة إسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي، باعتباره إحدى الركائز الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني.
وبناء عليه، من واجبك كوسيط عقاري، أن تدعم هذه الجهود وتعيد الاعتبار لنفسك أولاً وللمنتج العقاري ثانياً ولحجم السوق ثالثاً، من خلال الالتزام بمبادئ التسويق التي ينص عليها العقد المبرم بينك وبين المطور.
لا لظاهرة «الكاش باك» أو «الكيك باك»، لا للتعدّي على حقوق الزملاء في المهنة التي هي حقوقك كذلك، لا لتجاوز حدود المطور الذي تعمل معه ولا لكسر هيبة السوق وضرب إنجازاته التي حققها في مستوى التنظيم والشفافية، لا تعتقد أنك ذكي إن أنت أقدمت على ذلك، بل أنت تسيء لنفسك أكثر مما تسيء لغيرك من الوسطاء والسوق، وتضر نفسك أولاً قبل أن تضر غيرك لأنك تنازلت عن حق من حقوقك القانونية «العمولة». ولا تعتقد أنك بذلك تولي اهتماماً للعميل لكسب رضاه، لا أبداً فاهتمامك بالعميل يتجسد في كونك ممثلاً للمطور وعلى قدر المسؤولية عند بيع الوحدة، لا تتلاعب بنظامك المالي الخاص مع المطور كون العمولة تخضع لقيمة الضريبة المضافة، وأعد النظر في عملك واعمل كغيرك من الناجحين أو أفضل منهم لا أسوأ.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
«(الكاش باك) الظاهرة تطوّرت بسبب وسيط يبحث عن إنجاح صفقة بيع مقابل التنازل عن حقه في العمولة للمشتري».