هذا البرغر «طرررر»!
كنت أتعشى في مطعم مع صديق، عندما سمعت فتاة تجلس إلى الطاولة التي بجانبنا تقول: «هذا البرغر طرررر». نظرت إليها بفضول، ونظرت إليَّ باستغراب ممزوج باستنكار. سألت صديقي: البرغر طرررر.. يعني لذيذ؟ سألته باستنكار الذي يعرف الجواب، فقال نعم يعني إنه «شيء خطير». سألت شقيقاً كبيراً لي يفهم اللهجة المحلية «المشوهة» (هذه تختلف عن اللهجة المحلية الأصيلة) عن أصل كلمة «طررر»، فقال هي مشتقة من Tear الإنجليزية، التي تعني يمزق. يعني الفتاة قالت: «البرغر ممزق» حرفياً، وهي تعني أنه لذيذ.
ونقول بلهجتنا المحلية: طرَّ الورقة بمعنى مزقها. وأتذكر أنني قلت لزميل منذ ستة أعوام: مزق الورقة، فسألني مستغرباً: يعني أطرها؟!
«خطير».. كلمة تستخدم في اللهجة المحلية لوصف الأشياء الجميلة، فنسمع شخصاً يصف سيارة بالخطيرة، أو فيلماً أو مسلسلاً بالخطير، أو الـ«آي فون» الجديد خطير، أو كاميرا سامسونغ خطيرة، أو حتى وجبات المطاعم.
كلمة خطير في القاموس تصف الشخص ذا المكانة الرفيعة البارزة ورفيع المقام، كما أنها تصف صعوبة أمر ما، أو ما يؤدي إلى الهلاك والتلف، كالأمراض ومسبباتها كالجراثيم والفيروسات.
حتى لو كانت تعطي معنى قريباً لوصف الأمثلة المذكورة، إلا أنها لا تستخدم في السياق اللغوي، أي أننا لا نقرأ عن أكلة خطيرة بمعنى لذيذة، لكن خطيرة بمعنى مضرة بالصحة. وإن كانت السيارة خطيرة فإنها تقتل، وإن كانت الكاميرا خطيرة أو الهاتف خطيراً، فإن المعنى لغوياً يكون بعكس المقصود.
كلمة أخرى هي «رهيب»، سامسونغ رهيب، الأكلة رهيبة، الفيلم رهيب، السيارة رهيبة. وهناك أغنية عبدالمجيد عبدالله الشهيرة «رهيب والله رهيب». الرهيب في اللغة هو المفزع المرعب، وكل ما يخاف منه وليس الجميل. وتقول العرب: رهّب الولد أي خوّفه وفزّعه. ونقول يعيش في رهبة أي في خوف وفزع، ورهبة المسرح هو مصطلح يعني عصبية حادة مرتبطة بالأداء أمام جمهور، وبالطبع كلمة إرهاب تأتي بالمعنى نفسه.
أيضاً وصف فنان، مثلاً، المطعم الفلاني «العيش عنده فنان»، بمعنى الأرز عند هذا المطعم مذاقه رائع. أو هذا الهاتف الذكي فنان أو التلفاز فنان، كذلك نسمع من يصف العمل السينمائي كفيلم أو مسلسل بالفنان، وهو وصف لا يجوز لفيلم، ولكن لصانعه.
وفنان فاعل من فن، وتعني صاحب الموهبة الفنية، ونقول تفنن في فعل الشيء أي أبدع فيه لدرجة الاستمتاع. كما أن كلمة فنان وصف للحمار الوحشي.
أكثرنا يسمع كلمة خطأ، وهو يعرف ذلك، ولا يبادر بتصحيحها، بل يعيد استخدامها أمام الآخرين الذين يأخذونها ويضعونها في السياقات الخاطئة المذكورة نفسها في هذا المقال، فينتشر استخدامها حتى تصبح دارجة في اللهجة المحلية، رغم أن لهجتنا تحوي الكثير جداً من الكلمات العربية الفصيحة.
اللغة العربية مليئة بكلمات يمكن استخدامها لوصف الأمثلة المذكورة، فلدينا: جميل، جذاب، ساحر، فاتن، آخاذ، لافت، ممتع، بديع، براق، مبهر، بهي، رائع، متألق، مدهش، عجيب، لذيذ، حسن، جيد، ممتاز، طيب.. وهناك المزيد.
فما أجمل عبارة «هذا البرغر رائع المذاق».. وما أقبح «هذا البرغر طررر»!
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
«خطير».. كلمة تستخدم في اللهجة المحلية لوصف الأشياء الجميلة، فنسمع شخصاً يصف سيارة بالخطيرة، أو فيلماً، أو مسلسلاً بالخطير، أو الـ«آي فون» الجديد خطير، أو كاميرا «سامسونغ» خطيرة، أو حتى وجبات المطاعم.