«اللاعب الموظف»
بعد مرور 11 سنة على تطبيق التجربة الاحترافية في ملاعبنا والتحول بشكل تدريجي وآمن من مرحلة «الهواية» إلى «عولمة الكرة»، تبرز بعض الظواهر من حين إلى آخر لا تنسجم مع منظومة الاحتراف المستهدفة في الأساس أنديتنا وقطاعاتنا الرياضية التي قررت في السنوات العشر الأخيرة أن تلاحق النهضة الكبيرة التي تشهدها قطاعات الدولة حتى تكون على مقربة منها. ومن هذه الظواهز مسألة «اللاعب الموظف» التي تعتبر معضلة تخترق سفينة الاحتراف، ورغم أن لاعب الكرة يجب أن ينصبّ كل تركيزه على اللعبة والنادي والمنتخب إذا كان دولياً حتى يفي بمتطلبات المرحلة الجديدة وطموحات الجماهير، فإن هناك عدداً كبيراً من لاعبي فرق دوري الخليج العربي للمحترفين لا تربطهم أي علاقة بناديهم سوى ساعتي التدريب بعد العصر والمباريات الرسمية (إن أمكن)، لأنه مرتبط بـ«دوام يومي» في وظيفته الرئيسة، وهو بذلك يبقى محدود الطموح في «المستطيل الأخضر» بفضل الضغط الذي يتعرض له سواء في عمله أو دوره كلاعب في الفريق الأول.
المفاهيم مازالت مغلوطة في الوسط الرياضي رغم مرور 11 سنة على تطبيق المنظومة الاحترافية، والاحتراف معناه «وظيفة»، واللاعب يجب أن تكون وظيفته «لاعب كرة»، لأنه مرتبط بعقد مع ناديه، ويجب للملتزم بعقد عمل في جهة ما ألا يرتبط مع جهة أخرى بعقد آخر في الفترة الزمنية نفسها، واللاعب نفسه يجب أن يقتنع بأنه لاعب كرة مثل ما يحدث في أوروبا، إذ لا يوجد هناك من يتقاضى راتباً خيالياً من ناديه وراتباً آخر من وظيفته في الوقت نفسه، وأن يعطي كل جهده وتركيزه لناديه وتطوير مستواه الفني والظهور بشكل مميز مع المنتخب أو ناديه في الاستحقاقات الخارجية، وهذا الأمر يجب أن تجرى مراجعته وإعادة تقييمه.
إذا أراد اللاعب أن يكون المصنف رقم «1» في عالم كرة التنس الأرضي فيجب عليه أن يتدرب ثماني ساعات يومياً، فماذا تغير في زمن «الاحتراف» عن زمن «الهواية»؟ ربما فقط كلمة «الاحتراف»، لأن ما يقوم به اللاعب «المحترف» من التدريب لمدة ساعتين ويعمل في الفترة الصباحية هو ما كان يقوم به اللاعب «الهاوي» في زمن الهواية، وتغيرت على ضوئها الرواتب الخيالية فقط في زمن «الاحتراف».
نسمع في البرامج الرياضية أن منتخب البحرين يلعب في كل مباراة بتشكيلة مختلفة ويحقق نتائج إيجابية، وهنا نستغرب: هل نحن عاجزون عن وجود وفرة من اللاعبين المميزين في المنتخب الوطني ونحن نطبق نظام الاحتراف منذ سنوات، ونصرف المليارات في مجال الاحتراف الكروي عكس ما يجري تماماً في مملكة البحرين، إذ ليس لديهم دوري للمحترفين، وأعلى راتب يتقاضاه اللاعب المميز في المنتخب البحريني 50 ألف درهم شهرياً، وهم ثلاثة لاعبين فقط، وبقية اللاعبين في المنتخب البحريني يتقاضون من 15 إلى 40 ألف درهم شهرياً فقط، وهي توازي رواتب لاعبي فرق «الرديف» دوري تحت 21 سنة في أنديتنا.
• المفاهيم مازالت مغلوطة في الوسط الرياضي رغم مرور 11 سنة على تطبيق المنظومة الاحترافية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.