إضاءة
الدرس المستفاد من «كورونا»
إذا كان هناك درس رئيس مستفاد من جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، التي أصابت العالم بالشلل، مخلّفة عشرات الملايين من المرضى ومئات الآلاف من الموتى، فهو ضرورة تغيير قناعاتنا بشأن قيمة العلماء والموهوبين، إذ ظل العالم خائفاً مترقباً طوال عام ثقيل، أن يطور أحدهم لقاحاً ينقذ البشرية من عدو غامض قاتل لا يُرى بالعين المجردة!
طالبنا على مدار سنوات مضت، من خلال جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين وفي المحافل المختلفة، بضرورة الاهتمام بهذه الفئة، بل وأسهمنا بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، مثل وزارة التربية والتعليم، في اكتشاف أبرز الطلبة الواعدين في العلوم الطبيعية، آملين في أن تكون جهودنا دليلاً لغيرنا في مسار رأيناه إجبارياً من البداية، لكن بكل شفافية رصدنا في طريقنا سلبيات صار من اللازم علاجها الآن، أبرزها بطء آلية اكتشاف الموهوبين، وعدم وجود حاضنات حقيقية لهم، سواء من الشركات أو مصنّعين لديهم إيمان راسخ بقيمة الاستثمار في الموهوب.
صادفت في مشواري الطويل مع هذه الفئة المتميزة، عشرات من الموهوبين الذين دفنت ابتكاراتهم ولم ترَ النور، لعدم وجود شركات وطنية تتبناها وتطورها وتصنعها على غرار دول أخرى تنبهت إلى أهمية الموهوبين مبكراً، حتى صاروا عمادها في التقدم والبحث العلمي والاختراعات.
أذكر جيداً أحد الضباط الموهوبين بشرطة دبي «صقر المري» الذي سجل أكثر من 10 براءات اختراع نابهة واستباقية، منها جهاز العرض «بروجيكتور» قبل تصنيعه وطرحه في الأسواق، لكن لم نجد من يتبنى أفكاره، فماتت في الأدراج.
ولا شك أن هناك نماذج أخرى مثله، تمتعت بالموهبة والإرادة، لكنها واجهت معوقات يجب الاعتراف بها والتغلب عليها الآن، لأننا لم نعد نملك رفاهية الانتظار، فهذا العام الثقيل 2020 كان كاشفاً ومحدداً لما يجب أن تكون عليه أولوياتنا في المستقبل، فلا ضمانة لرخاء أو استقرار دون شعب عماده العلماء والموهوبون.
هذه الجائحة كشفت الحاجة الملحّة لإيجاد آلية واضحة وملزمة لاكتشاف الموهوبين، ورعايتهم في كل خطوة، وتزويدهم باحتياجاتهم كافة، فهم عماد المستقبل، وأمل هذه البلاد في استكمال نهضتها المتميزة والاستثنائية.
ونسعى في هذه الحملة بالتعاون مع صحيفة «الإمارات اليوم»، لتسليط الضوء على أبرز الموهوبين ومناقشة قضاياهم، لنكون عوناً ولو بسيطاً لصاحب القرار في انتهاج السياسات اللازمة لاحتضانهم والنهوض بهم، باعتبارهم ركيزة أساسية في تطور المجتمع وتحقيق التنمية الشاملة.
إن جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين، تسعى دائماً لتعزيز التكامل والانسجام مع مختلف المؤسسات الحكومية بشقّيها الاتحادي والمحلي وكذلك القطاع الخاص، لإطلاق وتنفيذ مبادرات وبرامج عمل خلاقة هدفها الأول والأسمى احتضان المواهب وتنميتها، وتحفيز الابتكار والإبداع لديهم.
نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .