كلمات صادقة من قلب حزين!
من الطبيعي أن تقال كلمات الشكر والثناء في حالات الفرح، سواء كان الفرح بتلقي خدمة راقية، أو إنهاء مشكلة ما، أو لمصادفة موقف نبيل، لكن الكلمات تكون صادقة ومعبرة ومؤثرة أكثر إن تصادف تقديم الشكر والعرفان مع موقف حزين، وعين دامعة، وفي ذلك دلالة كاملة على الحيادية والصدق وعدم المبالغة والمجاملة.
وهذا تحديداً ما لمسته من رسالة تلقيتها من سيدة برازيلية، جاءت من بلاد بعيدة، تبعد 12 ألف كيلومتر عنا، جاءت لتحقيق حلم ظل يراودها لسنوات طويلة، كما تقول، «حلم بحثت عنه في مختلف أنحاء العالم، في غابات الأمازون المطيرة مع سكانها الأصليين، وفي وكالة الأبحاث الفضائية الأميركية (ناسا)، لكنها لم تجده هناك، وأدركت عندما وصلت الإمارات أنها هنا فقط يمكن أن تجد ما كانت تبحث عنه».
وتضيف ماريا لويزا نوبلوتش، في رسالتها، أنها أحضرت عائلتها إلى الإمارات، حتى يجتمع شملهم، ويتعرفوا إلى شعب الإمارات وإخوانها في الإنسانية، وانتهى الأمر بوالديها أن أصيبا بفيروس «كورونا» في اليوم الأخير لإقامتهما في دبي، الذي صادف يوم ميلاد أمها.
«إن رمضان هذا العام كان شهراً ذا طابع خاص لي ولعائلتي، فأبي بيتر نوبلوتش، توفي في أول يوم من أيام شهر الصيام، وفي هذا اليوم شعرت أنا وأمي وشقيقتي أنه جاء إلى دبي ليموت فيها، ولينعم براحة بال وسلام مع النفس قررنا دفنه هنا، في أرض احتضنت أناساً أظهروا تجاهنا الكثير من الحب والعطف»، هكذا تقول.
وعلى الرغم من وفاة والدها بفيروس «كورونا»، إلا أن هذه السيدة البرازيلية تشعر بالامتنان للإمارات، ودبي خصوصاً، حيث تقول: «قد استضافوا والدي في أفضل مستشفى متوافر، واعتنوا به كما لو أنه شخص ولد هنا في هذا البلد المضياف، مشاعر الجميع نحونا كانت صادقة، لقد أظهروا لنا أننا جميعاً (إخوة في الإنسانية) نعيش فوق هذه الأرض، نحترم بعضنا بعضاً، ونتعايش بكل سلام مع بعضنا البعض، وهذا لا يتوافر في كثير من دول العالم، التي لا توفر حتى الرعاية لشعوبها وليس للغرباء»!
وتضيف: «هنا في الإمارات أدركت قوة العبادة والحب والإيمان لمختلف الشعوب والأديان، وقوة التكنولوجيا في نشر المعلومات الصحيحة، إننا نصلي وندعو لهذا البلد الذي لا يميز بين جنس أو لون أو دين، ونتمنى أن تحذو حذوه الدول الأخرى، وهنا أدركت قوة الإحساس بالامتنان والجميل، على كل شيء، حتى عندما يبدو أمامي كل شيء منهاراً، هنا أقمت شركة وفشلت، وأعدت التجربة التي اكتسبتها، أعدت بناء نفسي ونهضت مجدداً، وفشلت مجدداً، ونهضت للمرة الثالثة وأصبحت أقوى، وأنا اليوم أقف ثابتة وقوية مع أخ إماراتي دائماً ما أراد أن يقف بجانبي، هنا أدركت وجود شعب يؤمن بأن المستحيل ممكن الحدوث، وأن الفائدة يمكن أن تعمّ الجميع، هنا استكانت نفسي لأنني وجدت أناساً ينسجمون مع أفكاري».
كلمات معبرة ومؤثرة، نعيشها هنا في الإمارات بشكل تلقائي، ربما لا نشعر بها لأنها أصبحت ممارسة وعادة، فالحب والأخوة والتعايش السلمي صفات فطرية في أهل الإمارات، كرستها القيادة، وحفظتها القوانين، هي ليست شعارات نرددها، بل هي سلوكيات يصدقها العمل، ويؤمن بها الجميع، ويعمل بها الجميع، لأنها هي الضمانة لاستمرار الأمن والأمان والاستقرار، فكل من يعيش على أرض الإمارات، وجد بها ما لا يريد أن يخسره، وما لا يمكن أن يجده في غيرها، لذا فالجميع حريص على نجاح واستمرار هذه التجربة الإنسانية الفريدة، والجميع يعشق الإمارات والحياة فيها.
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.