شرائح وفئات مختلفة في وسائل التواصل الاجتماعي!
شئنا أم أبينا، وسواء اتفقنا أو اختلفنا على حجم أثر وسائل التواصل الاجتماعي الإيجابي أو السلبي، فإنه لابد من أن نقرّ ونعترف بأنها باتت تشكل أهم أدوات التأثير في المجتمع، وهي واحدة من أهم وأخطر وسائل تنشئة الشباب، و«تثقيفه» أيضاً، لكن المشكلة أن هذه الثقافة قد تكون إيجابية ويستفيد بها الفرد والمجتمع، وقد تكون هدّامة وناشرة للكراهية والقيم السلبية، وغاسلة للأدمغة ومحطمة للشباب والمجتمعات.
نحن أمام أنماط وأشكال وفئات مختلفة من المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، فشريحة منهم على سبيل المثال لا تسعى للشهرة، ولا تسعى إلى المال، وهي شريحة مفيدة وتقدم محتوى مناسباً ومفيداً وغير ضار، منهم مثلاً الشخصيات العامة، وأصحاب المناصب، وبعض رجال المال والأعمال، هم أناس معروفون ولهم مواقعهم الريادية في المجتمع، ولا تنقصهم الشهرة، لكنهم يسعون إلى نشر آرائهم وتوجهاتهم المفيدة، ونشر المعرفة، وهناك شريحة أخرى لا تسعى للشهرة ولا تسعى للمال، بشكل فج ومباشر، لكنهما يأتيانها بشكل غير مباشر، وهي أيضاً شريحة مفيدة وتقدم محتوى مفيداً، ومثال على ذلك كثير من المختصين المعروفين في مجالات الطب أو الهندسة أو الاستشاريين في مختلف المجالات، أو المثقفين، لديهم معلومات ومحتوى مفيد يقدمونه للمجتمع، ولا يمانعون إن كان لهذا تأثير غير مباشر في وضعهم المالي أو المعنوي، وهذا حق مشروع لا خلاف عليه.
وهناك فئة لا تبحث عن شيء أصلاً، سوى الاطلاع والوجود ومواكبة التقنية، وهي شريحة لا ضرر منها.
أما الشريحة الخطيرة، وهي التي كانت محور حديثي في أمسية رمضانية جميلة، نظمها نادي الشارقة للصحافة، وكانت تحت عنوان «السعي للشهرة.. مكسب مادي أم موهبة»، هذه الشريحة هي التي باتت تعرف بـ«مشاهير الخواء»، وهي أخطر شريحة من ناحية أثرها السلبي في المجتمع، وتحديداً الأجيال المقبلة.
«مشاهير الخواء» لا يقدمون شيئاً مفيداً وذا قيمة، وهم يشوهون بقصد أو من غير قصد، قيم المجتمع وثقافته، ويحطمون بنيانه من دون أن يمتلكوا القدرة على تقديم بديل حضاري علمي ومقبول، إضافة إلى سهولة ولادة «الخبراء» بينهم، فمن لديها اهتمام بكريمات البشرة قد تكون خبيرة تجميل، ومن يحمل شهادة متوسطة في التغذية قد يصبح خبير تغذية ورشاقة، ومن يخلط نباتين ببعضهما قد يصير طبيب أعشاب.. هكذا حتى أصبح لدينا عشرات الخبراء في الأعشاب الطبية والتداوي بالطب البديل، وخبراء في الإرشاد النفسي والإرشاد المجتمعي، وفي فنون الطبخ والعلاقات الاجتماعية والأسرية والعاطفية.. وهكذا خبراء في كل شيء، لكن ليس بفضل خبراتهم ومهاراتهم بل بفضل التواصل الاجتماعي.
كما أن هوس الشهرة قد يدفع البعض منهم إلى الصدام المباشر مع ثقافة المجتمع، ولا يتردد في مهاجمة الثوابت من القيم، فقط لينال الشهرة، مع أن ما يقدمه سطحي وغير ناضج، كما لا يتردد بعضهم في أن يجعل من نفسه أضحوكة لينال الشهرة.
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.