كـل يــوم
رسالة من مقيمة: أبدعتم في مواجهة «كورونا».. ولكن..
رسالة تلقيتها من مقيمة عربية، حريصة كل الحرص على الدولة، ومحبة كل الحب لاسم ومكانة الدولة، تعتبرها بلدها، وتعشقها عشق الوطن الأم، ولذلك فهي مصرة على أن أقوم بنقل وجهة نظرها، ووعدتها بأن أقوم بذلك، دون أي تدخل مني، فكانت هذه الرسالة التي تقول فيها:
منذ انتشار جائحة كورونا، سخّرت دولة الإمارات مواردها كافة للتصدي للوباء، حفاظاً على كل فرد على أرضها، حتى أصبحت فزعتها الإنسانية حماية للجميع دون تفرقة بين مواطن ومقيم درساً جديداً في التعايش والتلاحم المجتمعي، شعرنا معه بأننا كتلة إنسانية واحدة، تعكس رؤية الإمارات وثوابتها التاريخية، وتؤكد أن هذه البقعة من الأرض وطن حقيقي يسع الناس كافة.
وباتت عبارة «لا تشلون هم» التي أطلقها بكل جديّة وكرم معهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في وسط الأزمة شعاراً ومنهج عمل للجميع، وبشارة أمل يستقبل بها المرضى يومهم كل صباح مع علب الدواء والفطور، إذ تحرص إدارة الأزمة على كتابة هذه العبارة فعلاً على كل وجبة على مدار اليوم، تأكيداً على اللحمة المجتمعية، وترسيخاً لوقوف الدولة بكامل مواردها خلف كل مريض، حتى يتعافى دون النظر لجنس أو لون، والجميع يعرف ذلك.
لكن لأن هناك دوماً على مر التاريخ سلبيات في أوقات الأزمات، وجب طرح تساؤلات تدور في عقل وقلب كل محب لهذا البلد الطيب، مرّ بتجربة مرض كورونا، منها على سبيل المثال لا الحصر:
- هل تحتاج المستشفيات المختصة باستقبال حالات كورونا وأماكن العزل، كل هذا العدد من المتطوعين، الذين يتقاضون رواتب شهرية، رغم أن أدوارهم الحقيقية هي قليلة فعلياً؟ وقد رأيت بنفسي خلال فترة 6 ساعات تقريباً، أمضيتها في الفحوص أن عددهم أكبر من عدد المرضى.
- وهل يحتاج الانتقال من المستشفى إلى مدينة العزل، سيارات «كريم» الفارهة من نوعية لكزس وليموزين؟
- كما أن كميات الطعام التي يتم توفيرها لكل شخص كبيرة جداً ومتنوعة، وفي الغالب لا يأكل المريض نصفها.
- ويتم تسليم كل شخص أدوات نظافة شخصية، تكفي أربعة أشخاص، مثلاً، فهل يحتاج المريض فرشتي أسنان لفترة 10 أيام، وغيرها من الأدوات التي لا توفرها أفخم الفنادق!
وهذا أدى إلى أن كثيرين باتوا يطلبون العزل لما يتم تناقله عن مستوى الخدمة، وطريقة معاملة المرضى.
لقد أمضى ابني 10 أيام هناك، وهو يقول إنها أكثر من منتجع للاستجمام، وقوائم الأطعمة هناك مستواها عالٍ جداً، وأمضيت أنا الأيام في المستشفى نتيجة التهاب في الرئة، ورغم أن الأمور هناك أقل، إلا أنها تفوق قدرة أي منظومة صحية في العالم، ومثلاً من منا يتناول في بيته يومياً 4 مرات نسكافيه و4 شاي أخضر و4 شاي أسود بخلاف العصير والحليب، هذا هو المعدل اليومي للمشروبات والحليب، أما بقية تفاصيل الطعام فحدث ولا حرج. القضية هنا أنه لا خلاف أبداً على ما تقدمه إدارة الأزمات في الإمارات من جهود، لكن الأمر بهذه الوتيرة يحتاج مراجعة، لأنه لا شك يكلف ميزانية الدولة الكثير وسط ظروف عالمية يعرفها الجميع.
والمطلوب الرعاية الكافية للتعافي، وبتكاليف معقولة، فأعتى المنظومات الصحية في العالم لا تتحمل ذلك إلى ما لا نهاية، ولابد لكل حريص ومحب لهذا البلد أن يضع هذه الحقائق أمام عينيه، فلا أحد يعرف متى وكيف يتخلص العالم من فيروس كورونا، ولا أحد يستطيع أن يتكهن بأبعاده وسلبياته المستقبلية!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.