كـل يــوم
مشروع خيري ضخم.. وغياب تام لجمعيات خيرية!
مؤسسة الجليلة أعلنت أن حجم التبرعات الموجهة لإنشاء «مستشفى حمدان بن راشد الخيري لرعاية مرضى السرطان» وصل إلى 300 مليون درهم، وهذا المبلغ هو جزء من إجمالي الاستثمارات الكلية المستهدفة، التي تقدر بـ750 مليون درهم.
وبالمناسبة، فإن هذا الصرح الإنساني والخيري الكبير، الذي يحمل اسم فقيد الإنسانية والخير، وفقيد الوطن، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، هو بالفعل عمل ضخم، سيعمل على مساعدة المرضى المصابين بالسرطانات، مواطنين كانوا أم مقيمين، كما أنه سيوفر العلاج مجاناً لجميع الفئات غير القادرة على تحمّل أعباء ونفقات العلاج من هذا المرض الخطر، وسيسعى لتوفير أفضل أشكال العلاج والرعاية لهم، وسيصبح مؤسسة طبية رائدة لعلاج هؤلاء المرضى، الذين يحتاجون إلى رعاية ودعم فائقين، كما أن المستشفى سيقدم إسهاماً لا يقدّر بثمن لقطاع الرعاية الصحية في البلاد، ومع إنجاز هذا المشروع الإنساني الضخم، ستحقق الدولة بصمة تاريخية، ستغير حياة العديد من مرضى السرطان وأسرهم إلى الأفضل.
صرح ضخم، وعمل خيري وإنساني دائم وغير منقطع، وما تحقق إلى الآن إنجاز يستحق الشكر والتقدير لكل من عمل عليه، وكل من أسهم في إنشائه، ولكن، وبنظرة سريعة على الفئات والشركاء الداعمين لهذا المستشفى إلى الآن، تظهر لنا وبوضوح ملاحظة غريبة، وهي عدم وجود مشاركة فاعلة من الجمعيات الخيرية في الدولة، بل ربما هناك عزوف واضح عن مساهماتهم الخيرية لهذا المستشفى تحديداً، ولكل المشروعات الإنسانية والخيرية من هذا النوع داخل الدولة عموماً.
جمعية دار البر، هي الجمعية الخيرية الوحيدة التي ورد اسمها في قائمة المساهمين، في حين سجلت بقية الجمعيات، التي يقدر عددها بالعشرات، غياباً تاماً عن هذا المشروع الذي سيقدم خدماته المجانية للمرضى غير القادرين داخل الدولة!
إنه ليس الغياب الوحيد الذي يُسجل لهذه الجمعيات عن مشروعات خيرية مفيدة، وتتناسب مع طبيعة أعمالها الخيرية داخل الدولة، بل إن مساهمات هذه الجمعيات الخيرية والإنسانية، وبشكل عام، متواضعة جداً هُنا، في حين أنها تتباهى بشكل مستمر، وتعلن بشكل دائم عن دعمها لمختلف أنواع المشروعات خارج الدولة، ولا نستغرب أبداً إن رأينا مساهمات إماراتية كبيرة لإنشاء مستشفى لعلاج أمراض السرطان في دول عديدة، في الوقت الذي يُعرض فيه هؤلاء عن مساهمات، ولو رمزية، في مشروع شبيه داخل الإمارات!
إنه المثل الشهير «عين عذاري»، هذا ما نراه واضحاً في أسلوب عمل الجمعيات الخيرية، فهي مازالت تعمل برؤيتها القديمة، وبأسلوبها التقليدي، وبمشروعاتها المتكررة.. مازالت تهتم بالخارج، وتنفق ملايين، بل مليارات الدراهم في كل بقاع الدنيا، في حين أن هناك كثيراً من المحتاجين يعيشون بالقرب منها، وهناك الكثير من المشروعات الإنسانية والخيرية التي تحتاج إلى دعم، تنفذها جهات مختلفة داخل الدولة، لكنها لا تحظى أبداً باهتمام هذه الجمعيات، رغم أنها تمس وتخدم فئات مختلفة وأعداداً كبيرة من أفراد المجتمع!
لسنا ضد مساعدة البشر في كل مكان، والإمارات كدولة هي واحدة من أكثر الدول عالمياً في تقديم المساعدات الخارجية، لذا فالوقت قد حان كي تعيد الجمعيات الخيرية النظر في سياساتها، وتترك المساعدات الخارجية، لأنها شأن حكومة الإمارات، وتتفرغ هي لصرف أموال المحسنين من الإمارات داخل الإمارات!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.