العملات الرقمية.. نرفضها أم نقبلها؟
في أحد المطاعم الشهيرة في دبي، وُضعت لوحة تقول: «نقبل هنا الدفع بالعملات الرقمية»، ومع أن ذلك يبدو غريباً نوعاً ما، حيث لا توجد إلى الآن تشريعات محلية تبيح التعامل بالعملات الرقمية، إلا أنه في الوقت ذاته، لا يوجد منطقياً ما يمنع ذلك إن كان البائع، وهو في هذه الحالة «المطعم»، متأكداً تماماً من أنه يستطيع الحصول على حقه بهذه التقنية الجديدة، وأنه يتحمل المسؤولية كاملة باتخاذه هذه الخطوة!
عموماً، كثيرون يحذّرون من مخاطر الاستثمار في العملات الرقمية، ومنهم جهات حكومية غربية وغير غربية، وعلى سبيل المثال قالت هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة: «إن المتعاملين الذين يستثمرون في سوق العملات المشفرة يجب أن يكونوا مستعدين لخسارة كل أموالهم»، نظراً لوجود العديد من المخاطر التي تحوم حول هذا النوع من العملات.
ومع ذلك، ورغم التحذيرات المنتشرة، فإن بعض الخبراء الاقتصاديين يرون أن الدول لن تتمكن من التصدي لانتشار العملات الرقمية أبداً، وذلك لأنها باختصار هي «المستقبل»، وهم يرجحون هذا الرأي نظراً لوجود وبدء انتشار تقنية «بلوك تشين»، وهو ما يُعرف بـ«سلسلة الكتل»، وهو نظام لسجل إلكتروني مشترك، آنيٍّ، ومشفّر، وغير مركزي؛ لمعالجة وتدوين المعاملات المالية، والعقود، والأصول المادية، ومعلومات سلسلة التوريد، وما إلى ذلك.
ولا يوجد شخص واحد أو جهة واحدة مسؤولة عن السلسلة بأكملها، بل إنه مفتوح ويمكن للجميع في السلسلة مشاهدة تفاصيل كل سجل أو ما يعرف باسم كتلة، وتتبع المعلومات عبر شبكة آمنة لا تستدعي التحقق من طرف ثالث.
وتساعد تكنولوجيا «بلوك تشين» على الحفاظ على قوائم مقاومة للتلاعب في سجلات البيانات المتنامية باستمرار، وتتيح تبادلاً آمناً للمواد القيّمة كالأموال أو الأسهم أو حقوق الوصول إلى البيانات. وخلافاً لأنظمة التجارة التقليدية، من دون الحاجة لوسيط، أو نظام تسجيل مركزي، لمتابعة حركة التبادل، بل تقوم كل الجهات بالتعامل مباشرة مع بعضها بعضاً.
هؤلاء الخبراء يؤكدون أن تقنية «بلوك تشين» هي العهد الجديد من الإنترنت، ولا يمكن لأحد إيقاف هذه التقنية عن الانتشار، وهم يشبّهون هذه المرحلة تماماً كما كانت بداية الإنترنت، يحدث الأمر ذاته مع «بلوك تشين» حالياً، وهي مرحلة تمهد لنظام لامركزي للمعاملات المالية، بعيد عن سلطة المصارف المركزية حول العالم!
الآن تُرى ما هو المطلوب؟ وهل تُجدي نفعاً معارضة ورفض ومنع العملات الرقمية، أم المطلوب الاستعداد لمرحلة جديدة قد لا تكون بعيدة ؟!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.