5 دقائق
«السينما اختراع القرن الـ 20»
تصدّر خبر مقاضاة النجمة السينمائية الأميركية، سكارليت جوهانسن، استوديوهات ديزني، أخبار السينما، الأسبوع الماضي. تتهم جوهانسن «ديزني» بخرق شروط العقد عندما عرضت الشركة فيلم «بلاك ويدو» على منصة «ديزني بلاس» التدفقية على الإنترنت، بالتزامن مع العرض السينمائي.
عدنا مجدداً إلى موضوع «حروب ستريمنغ»، الذي كتبنا عنه هنا منذ شهر، ربما تكون «ديزني» أقوى شركة سينما في العالم، كيف لا وهي التي دخلت التاريخ بتقليص عدد الاستوديوهات من ستة إلى خمسة بشرائها «20 سنشري فوكس».
ما تفعله «ديزني» هو تبني نموذج الطرح المزدوج الجريء الذي طبقته استوديوهات وورنر بروس، الخلاف بين النجمة والاستوديو يتلخص في أنها تريد أجرها من نسبة إيرادات شباك التذاكر.
وعندما طرحت «ديزني» الفيلم في خدمتها على الإنترنت، فإنها خرقت العقد وحرمت النجمة أجرها المستحق وقللت من قيمة نجوميتها، حسب بيان جوهانسن الصحافي وتربحت بشكل مباشر.
جوهانسن ليست مخطئة، لكننا نعيش عالما متغيراً، فهي تتحدث بلغة عالم ما قبل «كوفيد»، واليوم كل شيء آخذ بالتغير، ومصطلح العمل عن بعد المرتبط بإغلاقات المدن حول العالم، أصبح اليوم ميزة تنافسية بين الشركات.
كان يجب على «ديزني» تغيير العقود، لتتضمن بند الدفع للنجوم من إيرادات تطبيقات البث التدفقي، التي أصبحت أمراً واقعاً لا مجال لتغييره. سوق التطبيقات تنمو بشكل كبير في الولايات المتحدة والعالم والتنافس على أشده.
لا تستطيع «ديزني» التراجع عن الطرح المزدوج، ولو فعلت ستخسر جماهير لمصلحة «وورنر» التي أعلنت بشكل واضح أن الطرح المزدوج أو الهجين سيبقى، ولا عودة للنظام السابق الحصري للسينما إلا لبعض الأفلام.
وحتى الأفلام المستثناة لن تحصل على أكثر من 45 يوماً من الطرح السينمائي الحصري، وهذه نصف الفترة السابقة التي كانت في الماضي تصل إلى 90 يوماً.
هذا الخلاف أمر طبيعي جداً، في عالم يتغير، بين مناصري النظام القديم والجديد. من حق الاستوديوهات الاهتمام بمصالحها، والتطبيقات تخدم أي استوديو بشكل مباشر وليس مضطراً إلى دفع نِسَب لمالكي دور العرض.
«نتفليكس» في الجهة الأخرى، وضعت قواعد العالم الجديد وها هي تستقطب ستيفن سبيلبيرغ، وهو من عتاة الحرس القديم، الذي أدرك أنه سيخسر الحرب لو أصر على حصرية الشاشة الفضية، وأذعن ووقّع اتفاقاً مع الشركة لإنتاج أفلام لمصلحتها.
«نتفليكس» أيضاً اقتربت من كريستوفر نولان، وهو من مناصري النظام القديم، بعد انتقاده الشديد لشركة «وورنر»، وتحدثت معه بشأن الانتقال إلى ربوع فضاء تطبيقها.
موقف
تناولت الغداء مع صحافي أميركي في مهرجان ليون السينمائي، منذ ثلاثة أعوام، فقال لي إن المستقبل ليس لمصلحة السينما، بل لمصلحة أي شيء على الإنترنت، القرن الـ21 سيكون إلكترونياً، سواء هيمنت عليه تطبيقات المحتوى الترفيهي أو ألعاب الفيديو.
سألته كيف تجزم؟ فقال بثقة كاملة وهو يتلذذ بلقمته وكأنه ينظر إلى هذا الزمن: «لأن السينما اختراع القرن الـ20»، رنت كلماته في رأسي وقتها، وتذكرتها عندما غيّر «كوفيد» العالم، وأتذكرها كلما قرأت عن جولة جديدة في حروب ستريمنغ!
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.