كوميديا!
يقترح عليّ البعض مشاهدة أفلام كوميدية لكن لدي مشكلة معها وهي أني لا أضحك بسهولة. الكوميديا أنواع، هناك التهريجي البريء الذي يجذب الأطفال حتى سن العاشرة، وهناك التهريجي الذي به تلميحات جنسية واضحة لجذب المراهقين حتى سن العشرين، وهناك تهريج الكبار الذي يوظف الإباحية في مواقف لا تخطر على البال لإضحاك الجمهور.
هناك الكوميديا السوداء وهي التي تتخذ من موضوعات جادة مادة للسخرية مثل فيلم كوميدي يسخر من هتلر أو قصة كوميدية حدثت في مسرح جريمة، والكوميديا الجادة/الساخرة، وهي التي تضع شخصيات في منتهى الجدية في موقف في منتهى الهزل، مثل شارلي شابلن أو المسلسل الشهير «مستر بين» أو شخصية «د. روماك» في فيلم «الطائرة!» أو الشرطي فرانك دريبن في The Naked Gun، وهذه الأمثلة الثلاثة الأخيرة هي الكوميديا المفضلة لدي.
بكل بساطة، نحن نضحك لأننا نرى الواقع مقلوباً في الكوميديا، وعقولنا تفهم الواقع ولا تفهم صورته بالمقلوب، فيتولد الضحك عندما يرى العقل الصورة مغايرة أو مقلوبة ويفسرها على أنها تناقض، فيضحك الإنسان على التناقض. الشيء نفسه يحدث عند التلاعب بالكلمات، فيستخدم ممثل كلمة تعني فعلاً واسماً معاً، فيتناقض المعنى فيضحك المشاهد.
«مستر بين» (روان أتكنسون) أو «فرانك دريبن» (ليزلي نيلسون) أو «باكشي» (بيتر سيلرز) الممثل الفاشل في فيلم «الحفلة» عام 1968، ليسوا أغبياء لكنهم يرون الواقع مقلوباً، وأنت تشاهد القصة من وجهة نظرهم فتضحك عليهم.
يحاول الثلاثة حل مشكلات تحدث لهم في مواقف يومية وأساليبهم الغريبة تتناقض مع واقع الموقف، وهنا تتولد الكوميديا عندما ينقلب الواقع رأساً على عقب، والنتيجة أنك تنفجر ضاحكاً وتدمع عيناك، وتواجه صعوبة في التنفس إلى أن تنتهي موجة الضحك. يخف الضحك كلما تكرر عليك الموقف في فترات متقاربة، وتعود موجة الضحك كلما تذكرت الموقف بعد فترة من الزمن.
وهناك الكوميديا في سياق كرتوني مضخم مثل الرسوم المتحركة «توم آند جيري» و«بنك بانثر»، وهذه كوميديا بدأت لرواد السينما، ثم أصبحت للأطفال. وشخصياً أضحك عندما أشاهدها إلى هذا اليوم.
عندما يلبس شخص زوج حذائين مختلفين فإنك تضحك عليه، والذي يرتدي قميصه مقلوباً فإنك تضحك عليه. هذه الكوميديا في أبسط صورها.
موقف
في مقهى رأيت أماً تلعب مع طفليها لعبة تعليمية، الأول مندمج معها والثاني يشكو لأمه لأن الأول لا يعطيه فرصة التجاوب مع الأم ويسبقه في الإجابات، شعر الثاني بالظلم وأراد لفت الانتباه فبكى.
توقفت الأم عن اللعب وأخذت تنظر في كيس على ما يبدو يحوي بعضاً من ألعابهما. أخذت شيئاً من الكيس وابتعدت قليلاً ووضعت شيئاً على وجهها.
عادت الأم ووجهها مغطى بقناع مهرج أنفه ضخم، ذهل الأول وابتسم وضحك الثاني الباكي ضحكاً شديداً حتى دمعت عيناه. بعد فترة قصيرة جاء الأب إلى عائلته وكان يبدو عليه الانزعاج، وعندما وضعت الأم قناع المهرج على وجهها مجدداً ضحك الولدان وضحك الأب معهما.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.