كـل يــوم
الأطفال لا يدركون ولا يستوعبون.. ماذا عن الكبار؟!
صحة الأطفال والحفاظ عليها مسؤولية أصيلة تقع على عاتق الأب والأم بالدرجة الأولى، هما من يحدد مستوى ومصير الطفل، وهما من يستطيعان حمايته وتقويته والحفاظ عليه من الأمراض، عبر مراقبة واختيار الأطعمة التي يأكلها، وهما من يستطيعان تدمير جهازيه الهضمي والعصبي، إن أهملا في تحديد ما ينفعه وما يضره من أطعمة ومشروبات، فالأطفال لا يدركون ولا يستوعبون كثيراً من الأمور، لكن أولياء أمورهم يدركون ويعقلون ويقرأون ويفهمون.
لذا من الضروري جداً اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من مصادر السكر في غذاء الأطفال، حتى لا يؤثر ذلك سلباً في صحتهم، ويشكّل خطراً عليهم، لأنه قد يتسبب في أمراض خطيرة عدة، وهذا ما يحمّل الأهل مسؤولية كبيرة، لكنها حتماً ضرورية، وليست مستحيلة، حيث إن هذه الخطوات لا تتطلب الكثير من الوقت والجهد، فليس ضرورياً حرمان الطفل من الأطعمة التي يحبها كافة، لكن يبقى التنظيم ضرورياً لحمايته.
لابد من نشر ثقافة تقليل تناول الأطفال للسكريات والحلويات، خصوصاً أن السكر لا يؤثر سلباً في الوزن ويتسبب في البدانة فحسب، بل يتسبب كذلك في أضرار عدة على المستويين الصحي والنفسي للطفل، ومن هنا تبرز أهمية ضبط الكميات التي يتناولها الطفل من السكر، دون حرمانه من مصادر صحية ومغذية متوافرة بكثرة، وإضافةً إلى النتائج السلبية المترتبة على تناول السكر على صحة الأسنان والقلب ودوره في زيادة الوزن تدريجياً، أظهرت دراسات عدة أن معدلات السكر المرتفعة التي يحصل عليها الطفل تؤثر سلباً في دماغه من النواحي الإدراكية والنفسية.
ما يحدث حالياً من غياب الوعي العام لدى كثيرين بأهمية ضبط سلوكيات أطفالهم تجاه السكريات والمشروبات الغازية، خطأ كبير، وله تداعيات وأضرار مستقبلية كبيرة على صحة أطفالهم، خصوصاً أن الكميات اليومية التي يلتهمها الأطفال من هذه المواد الضارة لا حصر لها، في حين أن الجمعية الأميركية لصحة القلب تنصح بأن يتناول الطفل 12 غراماً، أو ثلاث ملاعق من السكر في اليوم، حداً أقصى، أي ما يوازي نسبة 10% من الحاجة اليومية من الوحدات الحرارية. في المقابل تنصح منظمة الصحة العالمية بألا تتخطى نسبة السكر، التي يتم الحصول عليها يومياً، الـ5% من مجموع الكمية اليومية من الوحدات الحرارية.. تُرى كم معدل الأهل هنا الذين يحرصون على عدم تجاوز هذه النسب؟!
في أحد منافذ البيع الكبيرة، كانت هناك سيدة أجنبية تدفع قيمة مشترياتها وبصحبتها أطفالها، فحدث خطأ أثناء عملية الدفع، حيث تم احتساب مبلغ خمسة دراهم إضافية، فعرضت المحاسبة على السيدة أخذ حلوى أو شوكولاتة لأطفالها مقابل المبلغ، فما كان منها إلا أن رفضت بشدة، وردت بحسم أن أطفالها لا يتناولون أياً من هذه الحلوى والسكاكر، ليس هذا الغريب في الأمر، بل الأغرب أن أياً من أطفالها لم يعترض على ذلك، ولم يطلب أو يتوسل أي منهم لوالدته كي يحصل على الحلويات! هل تخيلتم معي لو أن هذا الموقف حصل أمام أطفالنا، ماذا سيحدث؟ وما ردة فعل الأم أو الأب؟! وهذا بالضبط ما أقصده في ضرورة نشر الثقافة.
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.