مشروع بطل أولمبي
الرياضة تفتقد نوعية الإداريين القادرين على قيادة العمل الرياضي، فهناك الكثير ممن يرغبون في الظهور الإعلامي فقط، إضافة إلى غياب أصحاب الرؤية الفنية في مختلف الألعاب، والأمر ينطبق بالنسبة للمدربين المختصين القادرين على صقل المواهب وصناعة الأبطال في البطولات المدرسية، وهي السن التي تسمح بانتقاء المواهب وصقلها، ومعظم الاتحادات الرياضية لا تتمتع بفكر إداري جيد يكفل لها إيجاد مصادر مادية بشكل مستقل وتفتقر إلى وجود صرف مالي واضح ببرامج زمنية طويلة ومحدودة ووضع حلول لمشكلاتها المختلفة، وينصب اهتمام المسؤولين على الزخم الإعلامي وخطف الأضواء من اللاعبين.
صناعة البطل الأولمبي تحتاج إلى وقت ليس بالقصير وفق إعداد استراتيجي علمي، وفترة الإعداد المطلوبة لا تقل بأي حال من الأحوال عن أربع سنوات وفق المقومات والقدرات التي يمتلكها البطل الذي يتم إعداده ليكون قادراً على إحراز ميدالية أولمبية، كما أن الإعداد من دون توفير المال المناسب لتنفيذ تلك الخطة لا يكفي، فالمال هو العصب الأساسي لإنجاح أي استراتيجية لإعداد البطل الأولمبي، وللأسف عندنا الإنفاق المالي أصبح لكرة القدم والاحتراف غير الحقيقي.
إذا أردنا التعافي من خيبة الأمل التي أصابتنا من الدورة الأولمبية طوكيو 2020 يجب خفض الإنفاق على كرة القدم والاحتراف الوهمي، نحن نملك الإمكانات البشرية التي تساعد على صناعة بطل أولمبي حقيقي، لكننا لا نملك الاستراتيجيات العلمية السليمة وميزانية جيدة للألعاب الفردية، وللأسف نهتم بالألعاب التي لا صلة لها بالألعاب الأولمبية، نحن بحاجة إلى إطلاق مشروع البطل الأولمبي لكي نتمكن من منافسة الآخرين في الدورات الأولمبية المقبلة، وإذا كنا جادين في أن يكون لنا ظهور قوي في أولمبياد باريس 2024، علينا أن نبدأ من الآن هذا المشروع العملاق.
صناعة البطل الأولمبي تتطلب انتقاء اللاعب منذ أن يكون عمره ست سنوات، سن وجوده في المدرسة وحينها يتم تحديد اللعبة التي يستطيع ممارستها ثم يتم تعليمه وصقل موهبته، ووضع خطة طويلة الأمد يمر من خلالها على العديد من المراحل التي تجعله بطلاً أولمبياً بعد ذلك، والاستعداد قبل الدورات الأولمبية بشهر أو شهرين ليس كافياً للمنافسة على الميداليات، وإنما التخطيط الصحيح واستقطاب الخبرات المختلفة من الدول التي لديها باع في الألعاب الأولمبية مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا، التي تسهم في تطوير اللاعبين وصقل مواهبهم وتأهيلهم للمشاركة في مثل هذه الأحداث العالمية.
نتمنّى ألّا يغلق ملف الإخفاق في الأولمبياد والبحث عن الأسباب وإيجاد الحلول، والاستعداد لأولمبياد باريس 2024 من الآن.. «لا يستقيم الظل والعود أعوج».
• صناعة البطل الأولمبي تحتاج إلى وقت ليس بالقصير وفق إعداد استراتيجي علمي.