كـل يــوم
جميعنا مع القرارات.. لكن التنظيم أهم من التنفيذ!
لا أحد إطلاقاً ضد القرارات التي تصدرها الجهات الحكومية لمواجهة فيروس «كوفيد-19»، جميع فئات المجتمع منذ بداية انتشار الفيروس أثبتت التزامها واتّباعها للإجراءات الوقائية والاحترازية بنسب عالية جداً، صحيح هناك مخالفون، لكنهم قلة لا تُذكر ولا تُقارن بأعداد الناس التي أثبتت التزامها وجديتها واتباعها للقرارات بحذافيرها، من دون اعتراض أو استياء أو تذمر.
فعلوا ذلك ليس بالإكراه أو الإجبار، أو خوفاً من الغرامات والعقاب، بل فعلوا ذلك لأن درجة ثقتهم بحكومة الإمارات عالية جداً، وهم مقتنعون ومدركون أن كل الخطوات التي طبقتها الدولة، طوال فترة انتشار الفيروس، هي في المقام الأول والأخير تهدف إلى حمايتهم، والحفاظ على صحتهم ووجودهم من أي مكروه قد يهدد حياتهم.
لذلك لم يعترض الأهالي وأولياء الأمور على القرار الأخير، الذي يحتم عليهم إجراء فحوص «كورونا» لأبنائهم الطلبة قبل توجههم إلى المدارس، بل إنهم توافدوا، اعتباراً من يوم الجمعة، على جميع مراكز الفحص، لإجراء الفحص المطلوب، لكن المشكلة الحقيقية التي واجهتهم هي عدم استعداد بقية الجهات لهذه الخطوة، ما أحدث ارتباكاً وازدحامات غير طبيعية، وأحدث إزعاجاً وإنهاكاً للأطفال، والأمهات، والصغار والكبار، خصوصاً أن الموقف حدث في شهر أغسطس، وفي عزّ أيام الصيف الحارة، ما يجعلنا نستحضر الكثير من علامات التعجب والاستغراب حول هذا القرار من ناحية دراسة كل إيجابياته وسلبياته قبل اتخاذه، فهل من المعقول أن يغيب مشهد الازدحام عن مخيلة متخذيه، خصوصاً أن فترة إشعار أولياء الأمور بذلك لم تكن كافية بفترة زمنية معقولة؟!
صورٌ صادمة، ومقاطع فيديو تتفطر منها القلوب، حول وضع الأطفال والصغار وأهاليهم في طوابير طويلة خارج مقار الفحص، ومشاهد أخرى صادمة حول الازدحامات الخانقة داخل مقار الفحص، لدرجة ضاعت معها أبسط تعليمات وتحذيرات الوقاية من فيروس «كورونا»، تلك النصائح التي يرددها ويركز عليها الإعلام منذ عامين، والتي تحث على التباعد الجسدي، حيث لم يكن في الإمكان أبداً الحفاظ على مسافات آمنة مع توافد الأهالي وأبنائهم بالمئات، ما يطرح تساؤلات مهمة حول فاعلية الفحص، مع وجود هذه الأعداد الضخمة المتراصة من الناس!
لا أحد ضد القرار، وجميعنا نؤيد كل الإجراءات الحكومية لمواجهة فيروس «كورونا»، ونحترم ونثمّن ونقدّر الجهود المبذولة، لكننا جميعاً نؤكد أنه كان بالإمكان أفضل مما كان، ودولتنا عودتنا على النظام والدقة والإبداع والابتكار في تنفيذ القرارات كافة، والتسهيل على الناس، والتنظيم في مثل هذه الأوقات أهم بكثير من التنفيذ، فهل نشهد في الفترة المقبلة تعديلات ترحم هؤلاء الصغار وتلطف بأهاليهم؟ أعتقد أن هذا الأمر ليس مستحيلاً أبداً.
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.