مجرد شعارات
لسنوات طوال ظلت شعارات العمل القاعدي والاهتمام بالمراحل السنية والأكاديميات وتطوير الأجيال مجرد شعارات ترفعها مجالس إدارات الأندية والمنتخبات مع كل بداية فترة عمل مجلس جديد، كأنها لافتة ترفع في المناسبات لتجميل الصورة من دون وجود اقتناع حقيقي من مسؤولي اللعبة بأهمية المراحل السنية والأكاديميات في كرة القدم ودورها الأساسي في بناء أجيال المستقبل، وللأسف انصب اهتمامهم باللاعبين المقيمين للفريق الأول.
المتابع لوضع اللعبة لا يجد صعوبة في إدراك الهرم المقلوب الذي يميز العمل في أغلب اتحاداتنا وأنديتنا، حيث يظهر الفارق كبيراً في الاهتمام بالفريق الأول على حساب المراحل السنية والأكاديميات، سواء من حيث الميزانيات أو توفير الاحتياجات والتعاقد مع أشهر المدربين العالميين، الأمر الذي يجعل العمل في الفئات السنية يفتقد للتنظيم والاستقرار، ويعاني غياب الخطط والبرامج طويلة المدى ويدار بفكر الهواية ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأشخاص والمسؤولين الموجودين في الإدارات، وليس بالاستراتيجيات المدروسة التي تميز منهج العمل في الدول المتطورة كروياً، سواء في القارة الآسيوية أم في بقية أنحاء العالم.
ومن خلال شهادات ميدانية لنخبة من أبرز المدربين العاملين في مجال المراحل السنية والأكاديميات سواء مع الأندية أم المنتخبات، نقف بوضوح على حقيقة وضع العمل القاعدي سواء في اختيار المدربين والأجهزة الفنية لقيادة المراحل السنية والأكاديميات، والذي يخضع عادة لعشوائية الاختيار وعدم وضوح معايير الاختيار، بالإضافة إلى تذبذب البرامج والخطط في العمل واختصارها على أهداف قصيرة المدى والعمل في دائرة اجتهاد لا تساعد على بناء أجيال مترابطة ترتقي الى الفريق الأول في ظروف إيجابية، والتركيز على النتائج الوقتية مع الفريق الأول، وتكمن المشكلة في كيفية صنع لاعب كرة قدم، فإن ممارسة الكرة تتطلب تضحيات كبيرة من تدريبات صباحية ومسائية ومعسكرات طويلة وسفر، لذلك على لاعب الكرة أن يتفرغ لهذه اللعبة وأن يحترفها حتى تصبح مهنته لاعب كرة قدم إذا أردنا تطوير المراحل السنية والأكاديميات علينا الاهتمام بدوري المدارس، وإقامة منافسات للمناطق التعليمية، بهدف اختيار المواهب الواعدة، لأن المواهب موجودة وما علينا سوى اكتشافها وصقلها وتطويرها، وأن التخطيط في أنديتنا ومنتخباتنا يتركز على الفريق الأول فقط، ما معايير اختيار المدربين في قطاع الناشئين والأكاديميات في أنديتنا؟!
علاقات الصداقة وللأسف تعتبر الكفاءة آخر المعايير التي يتم اعتمادها، في يوم ما قابلت لاعب منتخب إسبانيا وريال مدريد سابقاً سيلغادو، ووجهت له سؤالاً عن سر تطور الكرة الإسبانية سواء منتخبات المراحل السنية أو المنتخب الأول، وكان جوابه عملنا على تطوير المدربين في المراحل السنية أولاً، لذا ظهرت المواهب الواعدة، وفي أنديتنا غياب المواهب بسبب غياب نوعية المدربين في المراحل السنية والأكاديميات.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.