الموسيقى وإدارة المزاج
أحيانا تستيقظ من نومك ولحن أغنية سمعتها في اليوم السابق يعزف في رأسك، فلا تستطيع الانتظار حتى تشغلها في السيارة. الموسيقى قد تكون ترفيهاً أو علاجاً أو مدعاة للفخر (نشيد وطني أو مقطوعة عسكرية)، أو السعادة أو الحزن أو الحماس، وكلها مشاعر تؤثر في الإنسان.
الذي يمارس الرياضة يريد موسيقى سريعة راقصة لتواكب دقات قلبه، والذي يستمع إلى الموسيقى الحزينة فهو يريد استرجاع لحظة معينة ليست بالضرورة وقعت له، أو غرضه تهدئة نفسه بعد يوم طويل عصيب.
تجد كبار السن يعشقون الموسيقى والألحان التراثية، لأنها تعيد لهم إحساس أيام مجيدة، وتجد المراهقين يستمعون إلى الموسيقى العصرية، وتجد الفئة العمرية الواقعة بين 40 و50 تسمع الموسيقى التي كانت سائدة في طفولتها أو قبل 20 عاماً.
الموسيقى التي نحبها تحفز مناطق معينة في الدماغ اتفق العلماء أنها مناطق المكافأة، وهي المنطقة نفسها التي تفرز مشاعر الفوز أو الإدمان أو تناول الطعام، وبسبب هذه المنطقة تصبح الموسيقى لغة كونية لا تعرف حدوداً، فنحن نسمع أغاني بلغات مختلفة، ولا يهتم الجميع بالكلمات، لأن اللحن هو الذي استحوذ على عقول الناس.
الموسيقى أداة تنفيس مهمة جداً، فهي تطرد المشاعر السلبية كالغضب والحزن، وتغيّر مزاج الإنسان، والعكس صحيح، فعندما تستمع إلى موسيقى حزينة، أو تشاهد فيلماً حزيناً فإنك تدخل في مزاج حزين.
والموسيقى بمثابة صديق وهمي يسليك إلى حين حدوث شيء تنتظره، مثلاً، من الممكن أن تكون واقفاً أمام منزل صديقك بانتظار خروجه وتستمع إلى موسيقى تسليك إلى وقت فتحه الباب وركوب السيارة.
والموسيقى يمكن أن تغلف لحظات رومانسية مع المتزوجين، وتشغل المقاهي والمطاعم الراقية أغاني هادئة أو رومانسية كلاسيكية، لتعزيز الانسجام والترابط الاجتماعي بين الأشخاص الجالسين حول طاولاتها.
والموسيقى أداة منظمة للمزاج من الممكن توظيفها لإدارته، فالموسيقى تقلب المزاج بفصل الشخص عن الواقع وقلب أنماط أفكاره. الانفصال عن الواقع مؤقتاً استراتيجية ناجحة ومؤثرة لإصلاح الخلل في المزاج العام، لذلك قد يكون من الحكمة تشغيل موسيقى هادئة في أماكن مثل قاعات الامتحانات أو العيادات، خصوصاً أن مرتاديها قد يعانون نوبات قلق.
مواقف:
منذ 100 عام، استخدمت الموسيقى الحيّة في الأفلام قبل اختراع الصوت وجُددت الأفلام الصامتة بموسيقى مسجلة بعد اختراع الفيديو، لأن الموسيقى كانت الوسيلة المستخدمة لمساعدة الجمهور في التنقل بين الحالات المزاجية المطلوبة للأفلام.
لست من المعجبين بأغنية «تايتانيك» الشهيرة لسيلين ديون، التي أبكت الملايين حول العالم، ولم ترق لي يوماً ولم أشاهد الفيلم مجدداً منذ التسعينات. لكني أعشق أفلام «داي هارد» إلى درجة اقتنائي أقراص موسيقى هذه السلسلة.
موسيقى «داي هارد»، خصوصاً الجزء الثالث (تأليف مايكل كيمن)، تثير التوتر الشديد، وتسبب تعرق الجسم وتجعلك تشعر كأن سقف المنزل سينهار فوق رأسك، أو كأن هجوماً وشيكاً سيقع، لكني أحياناً لا أستطيع النوم إلا بعد الاستماع إليها!
الموسيقى أداة تنفيس مهمة جداً، فهي تطرد المشاعر السلبية كالغضب والحزن، وتغيّر مزاج الإنسان.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.