الستار
هي كما قيل في وصفها «قيد ترسف العزة فيه والإباء»، و«عذاب من يرددها»، و«انحناء ينتقص الكبرياء».
تفسد ملامحنا وتطبعنا بطابعها الممل من كثرة تكرارها، تحمل في طياتها تذمراً وسخطاً دائمين، يُنَفر منا القريب والغريب.
تحرمنا الاعتداد بالنفس، وتعطل إرادتنا، وتقلل من قدرتنا على تجاوز الصعاب، وتفقدنا اهتمام الآخرين الذين يتجنبون سماعنا تجنباً للطاقة السلبية التي ننفثها في كل ما حولنا.
تلوّن أيامنا بألوان قاتمة حزينة تقبض النفس وتهدم المناعة، وتورث الأمراض، وتحجب ضوء الأمل عن أرواحنا، وتقتل التفاؤل بانفراج الضيق، وتيسير العسير.
نفقد بسببها محبينا حين نكون عبئاً يومياً عليهم يتطلعون للخلاص منه، وضغطاً متواصلاً على سلامهم النفسي، يجب تجنبه لتستقيم الحياة.
تصبح معها وجوهنا عبوسة تفترسها التجاعيد، وتغيب معها الضحكات التي تسعد القلب، وتجدد النشاط، وتحافظ على الشباب.
هي الشكوى الدائمة، التي تحجب رؤيتنا لفيض النعم التي نتقلب فيها ليل نهار، فلا نرى إلا ما ينقصنا، أو ما نتطلع إليه، ولم يحن بعد حينه.
كثيراً ما يتخذها البعض ستاراً يخفي خلفه تكاسلاً وتخاذلاً عن السعي والعمل والبحث عن الفرص، وتعكس نفساً غير سوية لا ترى في الكون إلا عذاباته على ما فيه من خير وجمال.
ستار وراءه روح ساخطة، تنظر لمن حولها وتتجاهل ما تملكه من مواهب ومزايا، ربما لو خرجت لملأت الدنيا نوراً وسعادة.
ستار يتسلل من خلاله الحسد والبغضاء فيملأان الصدر ضيقاً بالجميع وبصاحبه وتضيق معه الأوقات، وتختفي بسببه البهجة والسكينة.
الشكوى الدائمة يصاحبها الفشل، وعدم التوفيق.. والخير كل الخير لمن يتفاءل بالحياة، ويسعد بحلوها، ويحتسب قسوتها، وتغير أحوالها يقيناً بعطاء الله وفرجه.
الحياة لا تخلو مما ينغصها، ولا تصفو الأيام لكائنٍ من كان، لكن الذكي من يطوع المشكلات بالبحث عن حلها، ويتخذ من الصبر عوناً على تجاوز الأزمات، ويترك ما لا حيلة فيه لمن يدبر الأمر من فوق سبع سماوات.
فكل متوقع آتٍ، وحسن الظن والتفاؤل يفتح الأبواب والقلوب، عكس اعتياد الشكوى الذي يحرمنا طمأنينة الرضا بمعية الله، عزّ وجلّ والقناعة بعطائه والثقة في خيرية أقداره.
تفاءلوا ففي كل فجر جديد فرصة أخرى واصبروا على المشكلات وابحثوا عن البدائل كلما ضاق الطريق، ولا تشكوا أقدار الله لأحد من خلقه.
@amalalmenshawi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.