أوكرانيا وبايدن الحائر

حيّرنا الرئيس جو بايدن، الذي أشار إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، في المناظرة الرئاسية الأولى وقال: «أخرجوا هذا المهرج من هنا». كنت أعلم وقتها أنه لو خسر ترامب فستخسر نشرات الأخبار مادة مهمة جداً اختلطت فيها السياسة بالترفيه بشكل لم يحدث في التاريخ، حتى عندما حكمها الممثل السابق رونالد ريغان.

ترامب لم يكن مهرّجاً كما ادّعى بايدن، لكنه يحب تسفيه خصومه، كما فعل عندما أحرج رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، في مكالمة هاتفية متلفزة أثناء إعلان مبادئ إحدى الاتفاقيات الإبراهيمية فقال له: «هل تعتقد أن جو النائم يستطيع ترتيب مثل هذا الأمر؟».

جو النائم! أو هكذا يسميه ترامب أغرقنا في حيرة منذ وصوله إلى سُدة الحكم. فخطاباته لا تعكس سمات رجل رئاسة، بل أرى حائراً ينسحب من العالم تاركاً فراغاً خطيراً. انسحاب بايدن ليس عقيدته السياسية، بل هي أساساً عقيدة أوباما، الذي رسم خطوطاً حمراء وهمية في سورية، ثم أدرك أنه تورط لأنه أصلاً رئيس انكفائي.

جاء ترامب بعده وكان يتفق مع أوباما على الانسحاب من العالم، إلا أن ترامب كان يعي خطورة الفراغات وأهمية سدها، لذلك جاء بالاتفاقيات الإبراهيمية وفكرتها إقامة تحالفات إقليمية بين أقوى دول المنطقة، ودعمها من الخلف لوجستيا وبأحدث الأسلحة التي تطلبها تلك الدول.

ثم جاء بايدن، لكنه تنصل من وعود ترامب لدول المنطقة، وأخذ يجري باتجاه إعادة الاتفاق النووي مع إيران وبأي ثمن، بالضبط كما فعل أوباما ومستخدماً التصريحات نفسها. بعد كارثة أفغانستان، وتقديرات واشنطن الخاطئة بشأن سرعة عودة «طالبان» إلى حكم كابول، أتت أم الأزمات: أوكرانيا!

هذه المرة بايدن أمام اختبار حقيقي لأنه يمسّ حلف «الناتو» بشكل مباشر. الرئيس بوتين يريد ضمانات أمنية تتعلق بعدم توسع الحلف شرقاً وصولاً إلى حدوده، بينما واشنطن تقول إن كييف المائلة إلى الغرب حرة في اختيار حلفائها.

الواضح أن واشنطن تريد جر موسكو إلى مستنقع أوكرانيا، ولو قرأنا تاريخ الندية بين واشنطن وموسكو منذ الحرب العالمية الثانية، فسنجد أنه كلما شنت إحداها حرباً أو غزت لعبت الأخرى دور المخرب.

بايدن بإجماع الحلفاء والأعداء رئيس ضعيف مثل صديقه أوباما، وهو أول رئيس يتجاهله حلفاؤه في المنطقة بشكل واضح وصريح، وكأن لا هيبة ولا وزن له.

موقف:

استند غزو بوتين لأوكرانيا إلى عوامل عدة، فقد قرأ الرجل ضعف بايدن، ويعتقد أن أوروبا دخلت مرحلة انحطاط وعجز ولم تعدّ قادرة على مجاراة التحديات العالمية. أضف إلى ذلك صعود الصين كقوة عالمية جديدة من المتوقع أن تلعب دوراً مهماً في العقود المقبلة.

عندما قدم بايدن نفسه رئيساً قال إنه يتمتع بخبرة لحل الأزمات العالمية، وها هي الأزمة قد أتت فماذا سيفعل؟

• هذه المرة بايدن أمام اختبار حقيقي، لأنه يمسّ حلف «الناتو» بشكل مباشر.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.