حروب أوروبا لا تتوقف
اشتعلت في أوروبا حربان عالميتان في القرن الـ20 بسبب اختلال موازين القوى وعدم وجود ضامن للسلام. في الحربين قاتلت دول الأطراف بريطانيا وروسيا و فرنسا دول الوسط الألمانية والنمساوية الهنغارية والعثمانية.
دخول واشنطن حسم الحربين وأنهاهما بشكل فعلي.
غطت الحربان 31 عاماً من 1914 إلى 1945. بعد 45 عاماً من نهاية الحرب العالمية الثانية اندلعت حرب البلقان، التي استمرت طوال عقد التسعينات إلى أن حسمها الرئيس الأسبق بيل كلينتون بقصف بلغراد. عد إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى ستجد حرب بلقان أخرى. هذه الحروب غطت 90 عاماً.
لو نظرنا إلى القرن الـ19 نجد الحروب النابليونية في بدايتها وهذه كانت بمثابة حرب عالمية بمنطق ذلك القرن. ثم مجموعة حروب صغيرة، ثم حرب القرم في وسط القرن متبوعة بالحرب النمساوية البروسية (بروسيا يعني ألمانيا اليوم)، ثم البروسية الفرنسية التي انتهت بهزيمة نابليون الثالث وحصار باريس. ثم حروب الإمبراطورية العثمانية ضد جيرانها من 1876 إلى نهاية القرن. هذه الحروب غطت القرن كاملاً.
بعد الحروب النابليونية سادت فترة سلام نسبي في القارة الأوروبية مدة 99 عاماً، وهذا يعني أن القوى العظمى لا تتصارع لكن قد تجد حروباً صغيرة أو متوسطة بين دولتين فقط وتمتد لعام أو عامين. في فترة السلام النسبي في القرن الـ19 سادت بريطانيا العالم لمدة قرن من الزمن بسبب عدم وجود منافس حقيقي.
أنهت الحرب العالمية الأولى السلام النسبي في القرن الـ19 وبرز الألمان منافسين للإنجليز ودارت حرب طاحنة سقطت على إثرها إمبراطوريات أوروبا الأربع.
استمر انعدام توازن القوى في أوروبا وتهميش ألمانيا والمبالغة في عقوبتها إلى أن جاء أدولف هتلر إلى السلطة خصيصاً للانتقام من فرنسا واشتعلت الحرب العالمية الثانية.
أسهمت الحربان العالميتان اللتان امتدتا 31 عاماً في تراجع بريطانيا كقوة عظمى عالمياً وبروز الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي مكانها، والولايات المتحدة أُجبرت على دخول الحربين ولم تتسبب في هما.
موقف
أنهت حرب روسيا على أوكرانيا فترة السلام النسبي في أوروبا الممتدة من الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، وكانت سبباً في دخول المستشار الألماني أولاف شولتز التاريخ، عندما أعلن بناء جيش ألماني قوي لحماية الأمن القومي لبلاده.
قبل 100 عام كان مثل هذا الإعلان سبباً في قيام الحرب العالمية الثانية. و قبل 150 عاماً كان المستشار البروسي - أي الألماني - أوتو فون بسمارك ينتظر اعتداء من فرنسا ليعلن عليها الحرب ورفض بشدة أن يبدأها. وكان مقتنعاً أن نابليون الثالث لن يجد حليفاً واحداً، لأن فرنسا هي المعتدية وهي سبب انعدام الاستقرار في أوروبا.
قارن بين كلام بسمارك عن فرنسا في القرن الـ19 وكلام فرنسا عن ألمانيا في القرن الـ20 بعد الحربين العالميتين، عندما وصفتها بـ«المعتدية»، وأنها سبب انعدام الاستقرار في أوروبا.
مذهل هذا التاريخ الذي يعيد نفسه مراراً وتكراراً والبشر لا يتعلمون. الحروب متشابهة في الأسباب والدمار والدول بأسمائها نفسها، وإن تغيّرت أنظمتها لكن الوجوه تتبدل.
• بعد الحروب النابليونية سادت فترة سلام نسبي في القارة الأوروبية مدة 99 عاماً.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.