مساحة حرة
درب الخير
يُصنف سكان دولة الإمارات العربية المتحدة من بين أعلى منتجي المخلّفات للفرد في العالم. ويقدر ما يُهدر من غذاء بما يقرب من 38% من المواد الغذائية التي يتم تحضيرها يومياً، التي تقفز إلى نحو 60% خلال شهر رمضان (وفقاً لـDubai Carbon).
وأتت مبادرة التعهد الوطني الخاص بالحد من إهدار الطعام، لتسهم بمعالجة ذلك، حيث تمت استعادة وتدوير ما يقرب من مليوني وجبة في عام 2019، وتحض المبادرة قطاع الضيافة على تبني ممارسات إنتاج غذاء فعالة وموفرة للنفايات.
فوفقاً لمؤشر استدامة الغذاء التابع لمركز «باريلا» للأغذية والتغذية، احتلت الإمارات المرتبة 22 من بين 25 دولة في منطقة الخليج في ما يتعلق بمخلفات الطعام، حيث يسهم كل فرد بـ197 كيلوغراماً من مخلفات الطعام كل عام. ويُنسب إلى قطاع الضيافة أكثر من 32% من جميع مخلفات الطعام، ومن هذا المنطلق أتت الحاجة للبدء بهذا القطاع كشريك استراتيجي ليسهم في مكافحة الجوع والحد من هدر الغذاء، وتزويد المحتاجين بوجبات صحية.
وتقدر قيمة مخلفات الطعام بالدولة بأكثر من 13 مليار درهم سنوياً، وتتطلع المطاعم والفنادق للمساهمة بالحد من هدر الطعام بنسبة تصل إلى 75%، حيث أبلغت بعض الجهات عن وفر يقرب من 140 ألف دولار أميركي.
إن تجاوز الحد في الإنفاق أو الإخلال بالتوازن إسراف بيّن، قال تعالى: «ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين»، سورة (الأعراف: 31)، فالإسراف حرام بيّن في الإسلام، فهو ظلم للنفس، وإهدار للموارد، ويقود إلى التضخم، وجاء النهي مقروناً بالصدقة، قال تعالى: «وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين»، (الأنعام: 141).
إن إطلاق سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة بنك الإمارات للطعام، مبادرة لحفظ مليون وجبة من فائض الطعام، وتوزيعها على المحتاجين في رمضان، بالتعاون مع 200 فندق ومنشأة غذائية، مع وجود ما يزيد على 37 مليون مستفيد ومتعامل في بنك الطعام الذي تترأسه سموها، يؤكد ما نوه له صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «هند قدوة.. هند خير وعطاء.. هند رفيقة وصديقة في درب الخير».
إن إطلاق حملة «مليون وجبة من فائض الطعام»، وانضمامها إلى جهود مبادرة «المليار وجبة»، أمر يشجعنا على الحرص على ما نعده في موائدنا يومياً، ويذكرنا بأحوال أخوة لنا من البشر لا يملكون كفاف يومهم من الغذاء، ويشجعنا على التدبر والصدقة والإحسان، فالنعم زوالة، ولا يديمها إلا الصدقة والدعاء، والقيادة تضع لنا أسوة حسنة بهذه المبادرة، التي تسهم في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان المبارك في دعم العمل الإنساني، وتذكرنا بأساسيات الأمن الغذائي وأهميته الاقتصادية، وترسخ أوصر التعاون الإنساني، وتعكس حجم المعاناة لدى الآخرين، خصوصاً في ظل صراعات أسهمت في ارتفاع كلفة الغذاء، وتباطؤ سلاسل الإمداد، وتعطل مقدرات الحفظ والتبريد والتخزين والنقل، لارتفاع أسعار الوقود عالمياً.
لنسهم جميعاً في الحد من هدر الغذاء، ولنعزز من فعالية الاستهلاك وكفاءة حفظ الغذاء، ونزيد ما استطعنا من إسهاماتنا الإيجابية وتبرعاتنا الإنسانية، فالإمارات نموذج وقدوة، لا بقيادتها فحسب، بل وبكل أطيافها ومجتمعها، فنحن وطن التسامح والإنسانية، ولنكن قدوة في درب الخير والعمل الإنساني.
• الإمارات في المرتبة 22 من بين 25 دولة في منطقة الخليج في ما يتعلق بمخلفات الطعام.
• مستشار إداري وتحول رقمي وخبير ومقيم تميز مؤسسي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.