«يوتيوب» بالعربي.. كارثة
المحتوى العربي على «يوتيوب» هو كارثة، ولا توجد كلمة أدق في وصفه. أتحدث عن فيديوهات التحليلات السياسية التي تتناول غزو روسيا لأوكرانيا، أخيراً، وقبل ذلك هناك تحليلات «كوفيد» وخرافات عن مؤامرات لا وجود لها.
أتحدث عن أشخاص غير معروفين يظهرون في فيديوهات ويقرأون تصريحات منسوبة للرئيس جو بايدن، غير موجودة على محرك البحث «غوغل»، ثم تصريحات مأخوذة من فيديوهات روسية مترجمة بالعربية دون معرفة دقة الترجمة، أو حتى إن كانت صحيحة، ومن الممكن أن تكون ملفقة بالكامل ويصدقها العربي دون التدقيق فيها.
يقول هؤلاء معلومات وأرقاماً مغلوطة، ثم يفسرونها وفق أمزجتهم. ويقولون روسيا انتصرت وانتهت القصة كلها. لكن أين الدليل على ذلك؟ لا نرى ذلك في نشرات الأخبار.
تأخذ معلومات هؤلاء وتضعها في «غوغل»، فلا تجد نتائج! تبدأ عملية بحث لتجد أن هؤلاء أصحاب الفيديوهات العربية يعيشون في عالمهم الوهمي الخاص، ولا علاقة لهم بهذا العالم الذي نعيشه.
بعض صناع المحتوى العرب في «يوتيوب» و«تيك توك» يستشهدون بآيات قرآنية للدلالة على صحة ما يقولونه! وليتني أعرف ما علاقة القرآن بهذه الحرب.
في أحد الفيديوهات أخذ صاحب المحتوى يضرب أخماساً في أسداس ليثبت أن ارتفاع الروبل الروسي مقابل الدولار هو انتصار روسي كامل في الحرب.. واستشهد كذلك بآية قرآنية.
السؤال: لو كان كلامه صحيحاً فلماذا لا نقرأه في التقارير الاقتصادية المنشورة في وكالات الأنباء الموثوقة؟
الإجابة واضحة، هي أن صانع المحتوى هذا يكذب ويدغدغ مشاعر جمهوره ليكسب متابعين. وهو في الحقيقة جاهل بالاقتصاد والدين والسياسة.
يجادل البعض أن وسائل الإعلام الغربية منحازة. وهذا الكلام صحيح، لكن وكالات الأنباء الموثوقة والمرموقة، مثل «أسوشيتد برس» و«رويترز» - وهي موجودة في الغرب - غير منحازة بالقانون.
وهناك فرق شاسع بين التحيز والكذب والتضليل، فالتحيز هو إبراز المعلومات التي تخدم توجهات الوسيلة الإعلامية والتقليل من أهمية المعلومات غير المرغوب بها دون إخفائها، يعني كتابة الأخيرة آخر الخبر.
نجد هذا في كثير من القنوات الإخبارية الغربية، مثل «فوكس» عندما قللت من فوز بايدن بالرئاسة.
أما وكالة أسوشيتد برس الأميركية ورويترز وغيرهما، فتتخذ خطاً وسطياً، والأولى موكلة بعدّ أصوات انتخابات الرئاسة الأميركية.. فإذا أردت التحقق من المعلومات وكشف الأكاذيب التي يبثها هؤلاء على قنوات «يوتيوب» فيكفي أن تتابع الوكالات للتحقق من أي شيء.. إذا كنت لا تثق بمواقع الأخبار الغربية.
موقف
اعتادت الشعوب العربية على اعتماد القيل والقال كحقائق، ولنا تاريخ طويل في ذلك. ومن النادر أن تجد شخصاً يدقق بحثاً عن الحقيقة، لأننا لا نريد قراءة أو سماع ما يخالف منظومة المعتقدات التي تربينا عليها.
منظومة المعتقدات هذه (الثقافة الشعبية) مقسمة إلى قسمين، إما خير مطلق أو شر مطلق، لا وجود للوسط.. رغم أننا كأفراد نجنح إلى الأمور الوسطية في حياتنا اليومية، فلا نؤمن بالتشدد ولا نميل إلى التراخي والتساهل.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.