التقنية الحديثة والتعليم
نعيش اليوم طفرات تكنولوجية متسارعة، وأمواج متلاحقة من المعلوماتية والبيانات التي تتخطى حدود الجغرافيا، لتصل إلى جميع أصقاع الأرض، والتي تتطلب التأهيل الجيد للتعامل معها، حتى نتمكن من السير في ركابها.
والحق أن قيادتنا الرشيدة وضعت على رأس أولوياتها التعامل الجاد مع التطور التقني الهائل الذي يسفر كل يوم عن جديد في ميادين العلوم والمعارف وفنون الحياة المختلفة، فكنا أول حكومة إلكترونية في المنطقة، ثم تخطينا ذلك للتحول إلى حكومة ذكية، رافعة شعار «لا مستحيل»، في وقت مازالت حكومات كثيرة ترزح تحت وطأة العمل التقليدي.
ونحن نفاخر بالتحول التقني الكبير في جميع مجالات الحياة، وعلى كافة صعد العمل الحكومي، أصبحنا أمام حاجة ماسة لتخريج أجيال قادرة على التعامل مع هذا التطور العظيم، ليأتي دور مؤسساتنا التعليمية في بناء هذه الأجيال وتأهيلها، ما يمكنها من التعامل مع متغيرات العصر، ومتطلبات اقتصاد المعرفة، وتطورات التقنية المتلاحقة.
نعم، كنا سبّاقين في طرح نموذج «التعلم الذكي»، وأثبتت جائحة «كورونا» تفوقنا في هذا الجانب، إذ لم تتعطل الدراسة في منشآتنا التعليمية أثناء هذه الجائحة، بفضل تطبيق نموذج التعلم الذكي، في حين عجزت دول أخرى عن مواصلة التعليم، لتأخرها في تطبيق التقنية الحديثة في منظومتها التعليمية.
ولا يمكن تجاهل مجهودات وزارة التربية والتعليم، أيضاً، في إيجاد نوع من التنافس بين الطلبة في مجالات الابتكار، من خلال بعض الفعاليات التنافسية، ومنها المهرجان الوطني للعلوم والتكنولوجيا والابتكار.
ولكن الأمر لا يقتصر على الاستفادة من التقنية في مواصلة العملية التعليمية، ولا في عدد من الفعاليات التنافسية في مجال الابتكار، فحسب، بل نحتاج من مؤسساتنا التعليمية ما هو أبعد من ذلك، إذ نحتاج إلى كوادر مؤهلة ومدربة على التعامل مع التقنية الحديثة في الحياة العملية، وهذا يتطلب أن تكون هناك خطة تعليمية ذات شقين: أولهما التوسع في التعليم التقني، بحيث تزيد من نصيب المناهج التقنية المقررة على الطلبة، سواء في المدارس أو الجامعات، وثانيهما إجراء شراكات بين المؤسسات التعليمية والجهات الخاصة المتخصصة في مجال التقنية، بحيث تركز هذه الشراكات على تدريب الطلبة وتأهيلهم عملياً داخل الجهات الخاصة، ما يخلق نوعاً من ردم الهوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، فضلاً عن تعزيز «صناعة رواد الأعمال».
لابد أن تكون برامجنا التعليمية ومناهجنا الدراسية أكثر تطوراً و«ديناميكية»، بحيث تقدم للطلبة جرعات تعليمية تتسق مع روح العصر ومتطلباته، وتعزز لدى الطلبة الطموح والابتكار والتفكير الخلاق للتعامل مع أي متغيرات مستقبيلة، إذ لا يخفى على أحد اليوم التأكيدات المتتالية حول اختفاء عشرات الوظائف، وظهور وظائف جديدة.
* عضو المجلس الوطني الاتحادي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.