تجربة «لا سلسة» (2)
إن تشديد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على أن تقديم أفضل الخدمات في العالم هو على رأس الأولويات ومحور العمل الحكومي في دولة الإمارات، وأن توفير تجربة مثالية للمتعاملين في الحصول على الخدمات الحكومية عبر القنوات الرقمية هو الهدف الأول والأساسي الذي تعمل الحكومة لتحقيقه، وتقييم مدى نجاح الجهات الحكومية في تقديم خدمات رقمية متكاملة تصل إلى المتعاملين حيثما كانوا وفي أي وقت، تمكنهم من إنجاز معاملاتهم بسهولة وسرعة وبأعلى مستويات الكفاءة؛ عززه إعلان سموه في يوليو 2019، بشأن مراكز الخدمة الحكومية، وفقاً لأفضل وأسوأ تصنيف، لتحذير المسؤولين الحكوميين، في ما يتعلق بالمعايير الواجب اتباعها. كما واجهت الجهات المتصدرة لقائمة أسوأ مراكز الخدمة الحكومية إجراءات تصحيحية شديدة، عبر توجيه سموه: «وجهنا بأن ينزل المدير العام للجهة أو الوزارة التي تتبع لها المراكز المتأخرة، ليباشر عمله لمدة شهر من المراكز ويطور خدماتها، وسأزورهم».
إن التطور ركيزة الحياة، ووضع الخدمات سابقاً «قبل تقليص الفروع» لتنجز بسلاسة، وتشمل التعاون مع مراكز الطباعة؛ أمر إلزامي، أما ما يتم حالياً دون توفير حلول رقمية أو تعهيد فعال لمكاتب الطباعة، فسبب ازدحاماً غير مقبول، مع عدم توفير موقع لحجز المواعيد أسوة بفحص «كوفيد-19»، أو مركز اتصال حديث يقاس زمن الرد فيه ويعزز أداء موظفيه بمؤشرات متطورة لا تقل عن المعايير الحكومية المطبقة في مراكز الاتصال الرسمية.
يعتبر ترخيص المركبات والسائقين في الدولة عموماً، وفي إمارة أبوظبي خصوصاً، تجربة متميزة تستحق الأخذ بها والاقتباس والتعلم منها، ليس فقط لكوني من المساهمين في تطورها رقمياً سواء في شرطة أبوظبي أو وزارة الداخلية، بل لأن ما حققته من تحول نتيجة جهود دؤوبة ومستمرة، يستحق الاشادة سواء من قبل اللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي، أثناء مهامه كمدير عام للعمليات المركزية، أو ما قام به أبطال التحول الرقمي في هذا القطاع، مثل اللواء سهيل الخييلي، أثناء عمله في الترخيص، والعقيد سيف الزعابي، حيث أجزم بأن أياً منهم يستطيع أن يقدم دروساً عن ممارساتهم في تحسين الخدمات المستمر، وعملهم لحل أي معرقل يعيق إنجاز المعاملات. وكان مركز خدمة الترخيص بأبوظبي أول مركز يحوز تصنيف النجوم في الدولة.
إن العمليات الإدارية والتحول الرقمي في قطاع ترخيص المركبات، أصبح من النضج ممارسة متميزة عالمياً تستحق الإشادة والأخذ بها كنموذج متميز، ورغم ذلك، لم يصبح تأمين المركبات سبباً للغرامة، وإنما تم الاكتفاء بتوقف المعاملات تلقائياً، إلى حين تأمين وفحص وتجديد المركبات المتأخر تجديدها.
إن توجه الحكومة الاتحادي لخفض عدد مراكز الخدمات بـ50%، وحكومة دبي لإلغائها تماماً، توجه لا يقتصر على خفض النفقات، وإنما يعكس ثقة تامة بتمام عمليات التحول الرقمي، ونضج الخدمات، وسلاسة الإجراءات، ونجاح إعادة هندستها وهندرتها.
أما ما تقوم به بعض الجهات من خفض عشوائي لمراكز الخدمة، لا لشيء إلا لمواكبة «الموضة» وإقناع مجالس الإدارة أو القيادة العليا بأنها تواكب توجهات العصر، فيستوجب إعادة تفعيل دور المتسوق السري، وعمليات تقييم نضج التحول الرقمي لكل العمليات المؤسسية: (G2C، وG2B، وG2G، وG2E)، فجهود قياداتنا المستمرة لتطوير العمل حثيثة، وبصماتها انتقلت إلى دول أخرى.
إن سمعة الريادة التي حققناها بجهود مضنية، تستوجب استمرار ضوابط قياس التحول الرقمي، وإلزامية معايير مراكز الخدمة، ومقاييس النجوم السبعة للخدمات، ومنع نشر أي جهة لأخبار إغلاق مراكز خدماتها دون جاهزية حقيقية، ويجب ألا يسمح لأي جهة كانت بغلق مراكز الخدمة، أو خفض عددها إلا بعد تقييم لمراحل الخدمات، وواقع تحولها، وجاهزية الإحلال الرقمي للمراكز بشفافية تامة، فنحن على أبواب تطبيق الجيل التالي من الخدمات: «Next Generation Services»، حيث تصبح «الاستباقية» هي ركيزة الخدمات، والوقت المستغرق لإنجاز الخدمة صفرياً، فهدف القيادة الرقم (1).
• توفير تجربة مثالية للمتعاملين هو الهدف الأول والأساسي الذي تعمل الحكومة لتحقيقه.
*مستشار إداري وتحول رقمي وخبير ومقيم تميز مؤسسي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.