ملح وسكر
بصمة خليفة حاضرة وخالدة
لم يكن الفقد سهلاً، ولا الرحيل حدثاً عابراً، بل كان وقعاً عسيراً على قلوبنا، فعندما يُغيّب الموت القامات الكبار تتباطأ حينها عجلة الوقت، وتتوقف الخطى حُزناً وكمداً على من أثرى حياتها وجَمّلها فرحاً وسعادةً وأمان. لقد رحل عنا خليفة بن زايد راضياً، محتسباً ومودعاً مثلما عهدناه وقوراً هادئاً وسمحاً، لم تتغير صورته وتواضعه منذ أن فطنته العقول وحفظته الأبصار. فقد بكته العيون واعتصرت القلوب ألماً لفراقه، كيف لا والفراقُ سيكون أبدياً، لكن سيبقى اسمه محفوراً في قلوبنا، وصورته لن تفارقنا رغم وجع الرحيل وهَوْلِ المصاب، حيث إنها سُنة الله في الكون، ولا اعتراضَ على قدره. فرحمه الله، كانت له اليد العليا في اللبنة الأساسية التي نمت وازدهرت من خلالها البلاد في شتى مجالاتها وميادينها، لاسيما الشأن الرياضي، الذي ستظل بصمة (خليفة) فيه حاضرة وخالدة، فهو يُعد أحد رواد بنائها وتنميتها منذ نشأة الدولة، فقد كان رياضياً من طرازٍ رفيع، عمل على تسخير المستحيل لدفع عجلة الرياضة وتطويرها، فلم يبخل بالمال والوقت والجهد، إذ كان معطاءً وسخياً إلى أبعد الحدود، بل لم يتوقف عطاؤه حتى وهو على فراش المرض، فالشواهد كثيرة، والمواقف حاضرة بأفعالها ونتائجها التي لولا دعمه لم تكن لها أن تتحقق وتصل إلى ما صلت إليه، خصوصاً فيما نراه اليوم من بُنىً تحتية ومنشآت رياضية راقية باتت حاضنةً للأحداث والمناسبات الإقليمية والعالمية. ولا تخفى على الجميع أياديه البيضاء الكريمة التي مَكنت المؤسسات والأندية من مواصلة رسالتها وأدوارها المجتمعية والرياضية، حيث هيأ لها مناخاً مثالياً للعمل والإبداع ثم الإنجاز، وحظيت جميع القطاعات دون استثناء على رعايةٍ ودعمٍ شخصي قلما نجد له مثيلاً، فلم يُميز بين رياضة ورياضة أو فئة عن أخرى، فالاهتمام والمتابعة وتذليل الصعاب كان شغله الشاغل الذي حرص، رحمه الله، على أن تكون نهايته هي الوصول للنجاح المنشود، الذي، بلاشك، أسعدنا وأفرحنا مراراً وفي لحظات وقفت على عتباتها بوابة التاريخ. فقد كان أثره حاضراً وشاهداً في إنجازاتنا الكروية مثل التأهل لمونديال 90، والفوز بخليجي 2007، بعد عقودٍ من الخصام، ثم إنجاز الوصول إلى أولمبياد لندن 2012، فهي محطات مفصلية جاءت لتُغير معها قراءة المشهد، وتُعيد حينها كتابة صفحاته من جديد. نعم رحل خليفة، لكن بقي امتداد عمله، وأثر فعله ليكون قاعدةً راسخة ونهجاً لمواصلة المشوار والمحافظة على تلك المكاسب والنجاحات، ذلك رداً لجمائله، ووفاء لمكارمه.
كان أثر المغفور له الشيخ خليفة بن زايد حاضراً وشاهداً في إنجازاتنا الكروية.
Twitter: @Yousif_alahmed
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.