إنه تأثير الهالة!
لماذا تعيد الناس تغريدات لا معنى لها وتهزأ من كلام مفهوم لكنه صيغ بطريقة خاطئة؟ ما الفرق بين الأولى والثانية؟ لاحظت أن مجموعة من المغردين والمغردات يكتبون كلاماً لا معنى له ليتلاقفه المتابعون ويعيدون التغريد به دون محاولة فهمه.
مثال 1 وهذا مثال من تأليفي يحاكي تلك التغريدات: «تعلم الحب فهو مثل شربة ماء» لو غرد به أحدهم على «تويتر» مثلاً لأعيد التغريد به مئات المرات وهو لا معنى ولا وزن له. لكن بمجرد أن كتبته شخصية معروفة لها متابعون يكرره الجميع ولا يشكك فيه أحد ولو شكك فيه شخص وسأل عن معناه، فلن يرد عليه المغرد ولتجاهله المتابعون.
مثال 2 وهو أيضاً من تأليفي: مرر لاعب معروف جداً ومرموق الكرة إلى لاعب غير معروف إعلامياً وليس له صدى، تعامل الأخير مع التمريرة بذكاء شديد وأحرز هدف الفوز.
اندفع الصحافيون إلى محرز الهدف غير المدرب على التعامل مع الإعلام، فقال: «لقد كان الخصم قوياً ونحن أقوياء، لقد كانوا صعبين ونحن صعبين لديهم الكثير ولدينا الكثير وأثبتنا أننا بحجم المسؤولية التي أوكلت إلينا وهم أيضاً لديهم مسؤولية لكننا أثبتنا تفوقنا عليهم رغم أنهم تفوقوا علينا لكن تفوقنا كان أكثر من تفوقهم».
هذا الشخص ليس مدرباً على التحدث لكن كلامه واضح جداً وأوضح من التغريدة المذكورة، لكنه تعرض لسخرية غير مبررة لأنه لم يصغه بالشكل الصحيح. وهل صياغة التغريدة كانت صحيحة كي تستحق الإشادة؟ كما قلنا لا معنى لها، والتصريح أوضح منها بألف مرة.
سبب انتشار تغريدة بلا معنى مرتبط بشخصية المغرد أو المغردة، فالمغرد المفترض لديه آلاف المتابعين ويتمتع بثقة مفرطة في النفس دفعته لكتابة كلام تافه أثار إعجاب متابعيه المصابين بعمى تأثير الهالة وهو انحياز سلوكي إيجابي بناء على صفة إيجابية واحدة والتغاضي عن الصفات الأخرى، مثال: أن يعطي مدير موظفاً تقييماً عالياً في كل معايير جوانب العمل، رغم أن الموظف متفوق في معيار واحد فقط.
أما سبب سخرية الناس من كلام الشخص في المثال الثاني هو علمهم أنه ليس بشخصية مهمة وليس له متابعون، فتصوروا أنه لا يعلم ما يقول، للعلم أنه يعلم ما يقول تماماً وكلامه دقيق، لكن المشكلة صياغته الخاطئة.
في الحالتين المتابعون هم الذين حكموا، في المثال الأول عدد المتأثرين غير الواعين بالمغرد أكثر من غير المتأثرين الواعين بتفاهة كلامه. وفي المثال الثاني عدد غير الواعين بمعنى كلام اللاعب أكثر من عدد الواعين.
موقف
لو قلبنا المعادلة ووضعنا المغرد في فيديو تيك توك يقول فيه: عندما تستيقظون صباحاً فاشربوا كوب ماء لينتعش صباحكم.
الشيء نفسه كلام تافه ليس له معنى سينتشر في «جروبات واتس أب» انتشار النار في الهشيم.
ولو كتب اللاعب تغريدة: «تدربنا صباح اليوم تدريبات يومية مثل كل يوم، وعاقدون العزم على الفوز على خصم جاد هو أيضاً متدرب»، لتعرض لسخرية شديدة رغم أن كلامه واضح ومباشر.
إنه تأثير الهالة!
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.