المفاتيح
تبحث عنه في يومها، ليستمع لحكاياتها وإن كانت فارغة، ويستمتع معها بالأشياء مهما كانت تافهة، ويضحك لفكاهاتها ولو كانت ساذجة.
تأنس للأمان بجواره، فتبوح بمكنون نفسها بلا خوف من غدرٍ أو فُجرٍ أو خصام أو تقلب ود، تحفظ بيته وعهده، وترى الكون بعيونه وحده، تفرح وتبتهج لفرحه، وتحزن لانكساراته وضعفه.
تعرف قدره، وتدرك ما معنى أن تحمل اسمه، تحب الدلال منه كما الأطفال، وتطرب لعذب كلامه، وتنتظر التقدير والثناء منه دون غيره.
تحب عطره وطعامه المفضل، وألوان ملابسه، وتحفظ ملامحه وتواريخ أيامه ومناسبات سعادته.
تنتظر عودته بلهفة ليبدي رأيه في تفاصيلها الصغيرة، مهما امتدت سنواتها معه، ومع امتداد العمر تشبهه، وتثق بإخلاصه، وتُبعد عن خيالها كل طيف للغدر أو الخذلان، ولا تسمح لواشٍ أو دخيل أن يعكر صفو حبها.
تُقدر له كرمه وحسن خلقه وطيب عشرته، وتمتن حين ترى منزلتها وقدرها عنده، وكيف يقدمها على نفسه ومن سواها، فتبادله بمثل ذلك وأكثر، وتبادر بمد يد الخير له ولأهله، وتسعد لسعادته، وتراه الأب من بعد أبيها، وسند الأوقات العصيبة، والظل الذي تحتمي به من هجير الأيام.
هكذا أغلب النساء، عُمار البيوت وأعمدتها، ومصابيح تنير العتمة، ونفوس خيرة تأمل في شريكها الخير، وهذه هي المفاتيح التي يتغافل عنها الكثير من الرجال، حين يتصورون أن الزواج تملّك وطاعة عمياء، وعطاء من طرف واحد.
بعض الرجال، ولا أقول جميعهم، للأسف يستمرئ الإهمال والتجاهل والأنانية والخصام والبخل حتى يستنفد كل رصيد الحب، ويتناسى «أن النساء شقائق الرجال»، ويحببن منكم ما تحبون منهن، و«ما أكرمهن إلا كريم».
بعض الرجال يحتاج إلى أن يراجع نفسه بصدق، ليفهم أن مفاتيح قلوب النساء وأرواحهن تصدأ وتذبل ورودهن، وينغلقن على أنفسهن إن لم يجدن الراحة والود والتقدير قبل الحب في بيوت أزواجهن.
رحلة الحياة قصيرة ومعقدة، وبها الكثير من الكبوات والعثرات، تحتاج إلى بيوت يسودها التفاهم والتقدير المتبادل، ومعرفة كل طرف واجباته قبل حقوقه، لاسيما الرجال أصحاب اليد العليا، والقادرون وحدهم على ضبط إيقاع البيت.
تأملوا البيوت جيداً، ستجدون أن النساء المبتهجات السعيدات وراءهن رجل كريم، يصون عشرتهن، ولا يبخل عليهن، ويعرف قدرهن، أما اللواتي ساقتهن أقدراهن إلى من لا يراعي ديناً ولا عرفاً فليساعدهن الله.
@amalalmenshawi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.
- بعض الرجال يحتاج أن يراجع نفسه بصدق ليفهم أن مفاتيح قلوب النساء وأرواحهن تصدأ وتذبل، ورودهن وينغلقن على أنفسهن إن لم يجدن الراحة والود والتقدير قبل الحب في بيوت أزواجهن.