مساحة ود
الأسئلة المحرجة
تباغتنا، موجعة، مفاجئة، غامضة أحياناً، وصريحة واضحة أخرى، لا يأبه أصحابها للسهام التي عادة ما تصاحبها ولا أي آلام تخلف وراءها.
تُفسد الود وتوغر الصدر وتخلق مساحات تباعد في العلاقات الاجتماعية نادراً ما تعود بعدها أبداً كما كانت.
يجيدها من لا يجيد احترام الآخرين وتقدير ظروفهم، ومن يتتبعهم حتى وإن كان على غير ما يرغبون.
يأتي أسوأها في أوقات الضعف والانكسارات التي كثيراً ما يرغب فيها المرء اعتزال العالم ليقوى على تضميد جراحه.
لا تراعي جيرة أو زمالة أو صداقة أو صلة دم، ولا يمكن وصفها بالحب أو الحرص على مصلحة شخص لا يريد البوح أو الكلام.
يتمادى البعض بتكرارها كلما حلت مناسبة أو سنحت فرصة، حتى يعرفهم القاصي والداني بأنهم «المتتبعون»، وتتوالى عليهم مع الوقت الأوصاف والصفات السلبية.
هي الأسئلة والتساؤلات المحرجة التي نقتحم بها خصوصيات الآخرين دونما كياسة أو مراعاة خاطر من قبيل: كم راتبك؟ لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟ لماذا لم تنجب رغم مرور كل هذه السنوات على زيجتك؟ وغيرها الكثير والكثير.
بعضنا يمتلك جرأة الرد والصد والدفاع عن خصوصياته والبعض الآخر يصمت ربما حرجاً أو لانعدام الخبرة في التعامل مع مواقف كهذه، أو لأن السائل أكبر سناً أو كونه قريباً له منزلة الأب أو الأم.
كلنا لدينا نواقص فلا أحد من الخلق مكتمل، وفي حياة كل منا مناطق خاصة وظروف صعبة وأخطاء ربما لا يريد مشاركتها مع الآخرين، ومن أبجديات التعامل السوي أن يشعر الإنسان بأريحية الحوار والتعامل باحترام.
كل منا لديه مشاعر وأحاسيس عصية على الوصف ولا تعترف بالبوح مهما امتلكنا أفضل الأصدقاء، فكيف تكون الحال مع من يصرّ على اقتحام تلك المناطق وإخراج ما فيها.
الأسئلة المحرجة تترك غصة في نفس من يتلقاها، نادراً ما يغفرها أو يتجاوزها، وعلينا أن نتعلم وندرب أنفسنا على عدم التجاوز وأن تكون أسئلتنا دوماً في حدود المسموح وأن نستخدم ذكاءنا في اختيار التوقيت المناسب.
أكثر العلاقات الصحية وأطولها عمراً تلك التي يحتفظ أطرافها بمساحة خصوصية واحترام، وأكثر ما يميزها «أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».
في حياة كل منا مناطق خاصة وظروف صعبة وأخطاء ربما لا يريد مشاركتها مع الآخرين، ومن أبجديات التعامل السوي أن يشعر الإنسان بأريحية الحوار والتعامل باحترام.
@amalalmenshawi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.