توقيت القرارات
نتخذ الكثير من القرارات في حياتنا، وهي تصنف إما جيدة أو سيئة، ومعظم القرارات السيئة لا يتعلق بالاختيار، وإنما أخفق بسبب التوقيت. لو راجعت الكثير من قراراتك، فأنت بالبديهة لا تريد اختيار شيء سيئ لنفسك، ولكن التوقيت في أحيان كثيرة سبب الفشل.
يقول خبراء التغذية إن أسوأ وقت لتناول الطعام هو عندما تكون جائعاً، فأنت لا تتحكم في نفسك، وإنما جوعك يفرض عليك أن تأكل أي شيء حولك. فلو كانت أمامك علبة بسكويت لالتهمتها، ولو كانت علبة شوكولاتة لقضيت على نصفها.
ولو كنت ماراً ببقالة أو سوبرماركت وجعت فإنك ستتجه حتماً إلى رف الحلويات، فهذه الأماكن لا تبيع سوى أسوأ خيارات الأطعمة، لهذا السبب يقال لا تتسوق وأنت جائع، لأن جوعك يؤثر في ذكائك.
ويقال لا تصنع قراراً وأنت سعيد أو حزين أو غاضب، فأنت لست في كامل وعيك. وكم قرأنا عن أشخاص في الولايات المتحدة مات أحبابهم، فحصلوا على أموال التأمين، فأنفقوها للتخفيف عن أنفسهم.
وأتذكر صديقاً وعدنا بعزيمة عشاء في مطعم فاخر لو فاز المنتخب بكأس الخليج عام 2013، وعندما فاز المنتخب أوفى الرجل بوعده، ودفع فاتورة باهظة، ثم تساءل في اليوم التالي، وكنت معه: هل استحق الأمر ذلك؟ لماذا فعلت ما فعلت؟
أو كالذي يقول سئمت وظيفتي، لأنني مكتئب وأريد التغيير، فينتقل إلى وظيفة أخرى، وبعد عام أو اثنين يكتئب مرة أخرى، ويريد التغيير. هذا لا يعي أنه يعاني اكتئاباً مزمناً يؤثر في قراراته الاستراتيجية، ومهما غيّر وظيفته فلن يتقدم قيد أنملة في مساره المهني، لأنه مريض نفسياً، وبحاجة لعلاج من الاكتئاب، وليس وظيفة جديدة.
وعندما تقرر الزواج، انظر إلى جوانب المسألة كافة، فلا يغرنك الجمال والشخصية سيئة، ولا تتزوج إلا وأنت متأكد من أنك ناضج عقلياً، وتستطيع تحمل مسؤوليات الحياة. لا تحاضرني عن الزواج المبكر وفضائله، وأنت بين 25 و30 تسهر وتمرح وتريد من التي ارتبطت بها أن تعتاد نظام حياتك المراهق.
بالطبع ليس خطأ أن تغير وظيفتك، ولكن تأكد من أنك في حالة نفسية صحية وجيدة قبل اتخاذ هذا القرار، وليس خطأ أن تتزوج كما أسلفنا، ولكن التوقيت أهم من القرار.
موقف
يعد فيلم Fun with Dick and Jane عام 2005 سيئاً للغاية بكل المقاييس، وهو عن موظف يخسر وظيفته عندما تتعرض الشركة التي يعمل لديها لعملية احتيال مدبرة من قبل رئيسها. عرضت شركة كولومبيا المملوكة لسوني الفيلم أثناء محاكمة كينيث لاي وجيفري سكيلينغ، المتهمين بتدبير عملية احتيال سرقا فيها أموال ومدخرات موظفي ومستثمري شركة إنرون للطاقة التي يعملان فيها، وبسبب توقيت العرض حقق الفيلم أرباحاً تجاوزت 200 مليون دولار.
لا تصنع قراراً وأنت سعيد أو حزين أو غاضب، فأنت لست في كامل وعيك.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.