اختيار التخصص الدراسي

يستعد أبناؤنا هذه الأيام للتسجيل في الجامعات وهم بصدد قرارات مصيرية في حياتهم وحياة المحيطين بهم، ولكن أجد أن نسبة بسيطة جداً من الطلاب يعرفون ماذا يريدون على وجه الدقة والأغلبية العظمى في حيرة كبيرة وإن لم يكونوا في مدارس خاصة فيها مرشدون أكاديمون نجد الأبناء يتخبطون بين رغبات الأهل ونصائح الأصدقاء، وبالطبع كل ينصح من منظوره الشخصي وليس من منظور سوق العمل واحتياجات المستقبل، بعض الأهالي يحاولون المساعدة بالإرشاد والتوجيه، وبعض الأهالي يصرّون على أن يدرس أبناؤهم تخصصاً معيناً. فما التخصصات الأفضل لأبنائنا، خصوصاً في حال لم يكن الأبناء قد قرروا بأنفسهم ما يرغبون فيه؟

بحكم خبرتي في هذا المجال، أقترح أن يحاول الأبناء معرفة أي الموضوعات تستحوذ على اهتمامهم، وما الأمور التي يجدون فيها متعة لمعرفة المزيد، وما الموضوعات التي تثير فضولهم أكثر، ولا يجدون صعوبة في تعلمها، من ناحية أخرى يجب النظر للمستقبل ومدى القابلية للحصول على وظيفة في هذا المجال أو إنشاء عمل خاص، أو كلاهما، وهنا لابد من النظر بشمولية أكثر فسوق العمل ليس مقتصراً على السوق المحلية بل أصبح العالم أكثر انفتاحاً وأصبح الحصول على وظيفة في أي دولة ليس بالأمر الصعب طالما أن الشخص لديه المؤهلات، والمهارات والاتجاهات المناسبة، وأقصد بالمؤهل الدرجة العلمية، أما المهارات في مقدرة الفرد على أداء مهام معينة بإتقان مثل مهارات استخدام تطبيقات الكمبيوتر أو مهارات البحث أو إتقان أكثر من لغة، وهي أشياء يمكن تعلمها خارج المؤسسات التعليمية التقليدية مثل بوابات التعلم المجانية أو حتى بالممارسة والتجربة والخطأ. أما الاتجاهات فهي الجانب الأصعب حيث إنها ترتبط بالسمات الشخصية، كأن يكون الشخص دائماً إيجابياً ومتعاوناً ويساعد الآخرين ولديه توجه إيجابي ورغبة دائمة نحو التعلم، بعكس المتشائمين كثيري الشكوى من أي شيء وكل شيء، ولا يرون سوى الجانب المظلم دائماً. تراه حائزاً درجة علمية مرموقة ويصرّ على أنه لن يحصل على وظيفة لأن ليس لديه «واسطة» وهكذا.

عامل آخر مهم ويسهم بشدة في الحصول على فرص ممتازة هو عامل اللغة، أعرف كثيرين في تخصصات تعتبر نادرة وعليهم طلب في كثير من الدول، لكن بسبب عدم تمكنهم من اللغة لا يحصلون على الفرص التي يستحقونها، أعرف ملاحين بحريين وفنيي مختبرات لديهم درجات علمية مرموقة، وعلى الرغم من أن دراستهم يفترض أنها باللغة الإنجليزية إلا أن أعضاء هيئة التدريس والطلاب «استسهلوا» الدراسة باللغة العربية، ولكن بعد التخرج يدركون الفرصة التي أضاعوها في عدم الدراسة بالإنجليزية وإتقان هذه اللغة، لست متحيزاً للغة بعينها، ولكن من يرد أن يلتحق بسوق العمل الدولي فلابد أن يتقن لغته.

بصفة عامة سيظل هناك طلب كبير على مهن المجال الصحي، خصوصاً مهن التمريض والأجهزة الطبية، وهناك طلب كبير على مهندسي البيانات وكل تخصصات البيانات وأمن المعلومات، والتسويق الرقمي، وفي بريطانيا والولايات يُمنح متخصصو البيانات والتكنولوجيا مزايا خاصة ولهم تأشيرة دخول خاصة، ومهن العلاج النفسي وتدريس الأطفال عليها طلب كبير أيضاً، ومَن يبحث على الإنترنت عن سوق العمل سيجد قوائم بالمهن المطلوبة.

سوق العمل ليس مقتصراً على السوق المحلية بل أصبح العالم أكثر انفتاحاً والحصول على وظيفة في أي دولة ليس بالأمر الصعب.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.