مساحة ود
صِفْ أبوظبي
هل من بابك المفتوح للقريب والغريب أبدأ، أم من بابي أنا المفتوح ليلاً ونهاراً، أمناً واطمئناناً، أبتدئ الحديث؟
وماذا أكتب والحروف على براحها لا تسع براحك الذي وسع الإنسان من كل جنس ولون بلا فوارق ولا تمييز؟
وكيف لذاك العهد القديم المتجدد على أرضك ألا يُصان منا جميعاً، وهو قسم بتقاسم الخير والحب والعطاء قطعه رجل كريم حكيم آمن بأن الرزق رزق الله فأغناه الله وأغنى به أمماً وشعوباً.
ومن أين لي بوصفٍ يليق بكرمٍ لا ينتظر مقابل، ولا يفكر في نقصان؟
أنظر إلى الشوارع والشواطئ والحدائق ووجوه ناسك الطيبين فأجد بيتاً كبيراً وعائلةً واحدة وحباً خالصاً لبلد أكرم وفادة الجميع.
أرقبك كل صباح وأنت تغرسين بلا قصد، انتماءً وامتناناً في قلب من يعيش على أرضك، اهتماماً وحدباً وأماناً، بلا ازدحام ولا تجاوز ولا تقصير، فلا عجب أن تصبحي وطناً وحلماً للجميع.
أرى خلف جمال معمارك وحداثة بنائك عزاً واعتزازاً بإرث أبنائك وقيماً دينية وأخلاقية ترفعت عن الصغائر وفرضت مكاناً مُستحقاً بين الكبار.
أمتن لرجال أمنك وعيونهم الساهرة تحفظ وترعى الناس والبيوت والممتلكات وتعالج المشكلات، وتُطمئن البال، فلا خوف على ابن تأخر ولا فزع من تقلبات طقسٍ أو انتشار وباء.
أعرف صدق دموع من يودعك أو يعود إليكِ، ففي القلوب بصمتك وسَمتك وذكريات محفورة في الوجدان، فقد تقاسمنا الحياة معك بحلوها ومرها وتجاوزنا الكثير يداً واحدة.
أعذر من يهفو لزيارتك بلا سابق حضور أو تعارف، فيداكِ الممدودة للعالم خيراً وعطاءً وحضوراً وبهاءً خلقت سمعة ما أطيبها في كل بقاع الأرض.
أعشق ذاك الهدوء الذي يراعي راحتنا وسكون نفوسنا وهدوء أوقاتنا، فلا صوت مرتفع ولا آلة تنبيه سيارات في الشوارع حتى في وسط الاحتفالات التي تتم في حدود اللياقة وبما لا يزعج الآخرين.
تفوح من طيب وجوه أبنائك وسلام نفوسهم وكرم ضيافتهم نفحات من وجه الله الكريم، أُناسٌ عرفوا قدر النعمة وصانوها شكراً، فدامت بيوتهم عامرة وأخلاقهم سوية.
كل هذا وأكثر زاحم قلبي قبل عقلي وأنا أقرأ منشوراً كتبته إحداهن تقول فيه «صِفْ أبوظبي»، فمن يعيش ويعمل هنا يشاركني ما كتبت وأكثر، ويعرف جيداً أن الإمارات، خصوصاً أبوظبي، ليست المكان الأفضل للعيش والعمل فقط ولا المدينة الأكثر أمناً على مستوى العالم فحسب، بل هي فوق ذلك كله شعورٌ نادر بالألفة وإحساس بالمكان والناس والأشياء عصيٌّ على «الوصف».
شعورٌ نادر بالألفة، وإحساس بالمكان والناس والأشياء عصيٌّ على «الوصف».
@amalalmenshawi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.