من هو بطلك الأدبي المفضل؟
لدينا جميعاً شخصياتنا الأدبية المفضّلة: الأبطال والبطلات في الروايات والمسرحيات الذين نحب أن نكوّن صداقات معهم في الحياة الواقعية، بل وندعوهم إلى العشاء في بيوتنا، والأشرار الذين نتوق إلى رؤيتهم يفشلون، ونتشفّى فيهم وهم ينالون العقاب في النهاية.
أثناء وجودي كباحث زائر بجامعة هارفارد، قامت مجلة الجامعة باستطلاع لآراء أعضاء هيئة التدريس حول أبطالهم الأدبيين والأشرار المفضلين لديهم.
وجاءت بعض الإجابات مفاجئة.
قال د. ستيفن جرينبلات، استاذ العلوم الإنسانية، إن شخصية إياجو ( Iago)، الصديق الزائف الذي يخون عطيل في مسرحية «شكسبير» الشهيرة، يتصدر قائمة الأشرار. ووصفه بأنه «عدو الحب والسعادة»، أما بالنسبة لبطله الأدبي فيذكر «ليوبولد بلوم» في رواية «يوليسيس» لجيمس جويس، الذي يصفه جرينبلات بأنه «متسامح، فضولي، ومتفائل دائماً».
في المقابل، عاد ديفيد دامروش بعيداً بالزمن - إلى القرن الثاني قبل الميلاد. «خياري المفضل لكل من الشرير والبطل يجب أن يكون كلكامش، بطل أول تحفة عظيمة في الأدب العالمي». شرح رئيس قسم الأدب المقارن سبب كرهه وحبه لبطل بلاد ما بين النهرين في القصيدة الملحمية التي تحمل الاسم نفسه. «لقد بدأ في الواقع كشرير - ملك شاب صاخب، يضطهد رعاياه، يغتصب النساء في ليلة زفافهن، وينهب غابة مقدسة ويقتل صاحبها. ثم يجبره موت صديقه الحميم إنكيدو Enkidu على مواجهة حتمية الموت والفناء، ويعود في نهاية الملحمة إلى مدينته حزيناً، ولكن أكثر حكمة واستعداداً للحكم كما ينبغي».
أما بالنسبة لي، فبطلي الأدبي المفضّل هو هيثكليف Heathcliff، بطل رواية «مرتفعات وذرنج» Wuthering Heights، رائعة إميلي برونتي. إنه بطل رومانسي وشرير مأساوي. يتجلّى ذلك في عنفوان حبه، وشدة طموحه، وحدّة مزاجه، والمأساة المتجلية في وفاته دون مراسم تذكر. هو نموذج الأبطال البايرونيين (نسبة إلى الشاعر الرومانسي لورد بايرون): منبوذون ومتغطرسون وأذكياء، يتصفون بوسامة مغناطيسية غامضة تجذب النساء إليهم مع ميول مدمرة للذات وللآخرين حولهم.
والرواية أكثر بكثير من مجرد قصة حب رومانسية، ففيها تتشابك الكراهية مع المحبة والانتقام مع المودة والشغف بين المحبين مع الفرق الطبقي بينهما، وهي من القضايا السائدة في الأدب الفيكتوري.
نرى هيثكليف مدفوعاً برغبة يتجاوز هدفها العالم الطبيعي. يمتلكه طول حياته شغف الاتحاد مع كاثرين، ولكن عندما يصبح الاتحاد الجسدي مستحيلاً بسبب وفاتها، فإنه يسعى إلى تحقيق اتحاد صوفي معها، يطارده دائماً شبح السعادة المستحيلة. ومثل بطل بايرون، نرى أن تصرف هيثكليف في هذا النداء الخارق للطبيعة جزء من شخصيته غير العادية. تصف كاثرين الرابط شبه الخارق الذي يربطهما: «أياً كان تكوين روحينا، فهما روحان متماثلان.. حبي لهيثكليف يشبه الصخور الأبدية.. أنا هيثكليف!»
كشف هيثكليف عن مدى هوسه بكاثرين بعد موتها بسنين: «لا أستطيع أن أنظر إلى أسفل.. ملامحها تتشكل في كل سحابة، في كل شجرة - نعم ملامحها تملأ الهواء في الليل، وتستولي على ملامح كل كائن في النهار».
ماذا نفعل عندما يصبح حبنّا مثل حب هيثكليف لكاثرين: حباً جارفاً وخارقاً للطبيعة، ولكنه غير قابل للتحقيق؟
ربما لن نجد الجواب الشافي هنا، ولكن قراءتنا لسير هؤلاء الأبطال والأشرار ستظل دوماً تذكرنا بتساؤلاتنا الوجودية المحيرة.
باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.