الإسلامُ دين السلام
اتخذت الأمم المتحدة يوم 21 من سبتمبر يوماً للاحتفال بالسلام، وهو أمر محمود، دعت إليه الشريعة الإسلامية الغراء قبل أن تدعو إليه المنظمة الأممية، أو تفعله دولة أو مؤسسة عالمية أو محلية، فقد قال ربنا جل شأنه داعياً إلى ذلك ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ قال أهل اللغة والتفسير: «السِّلم: الصلح، والسِّلم: الانقياد، والمراد به: الإسلام ههنا» والمعنى أن: الإسلام والسِّلم مقترنان، فالإسلام هو دين السلام الذي ينشده جميع الأنام؛ لأنه دينُ الله تعالى الذي ارتضاه لعباده، وجعله شرعاً يتعاملون به ويتعبدون له به، فهو دينُ عمارة الأرض بالإخاء والبناء، وعمارة الدين بالشكر والرضا، جاء فحرَّم البغي وحرم القتل وحرم الظلم وحرم الإفساد في الأرض، وحرم كل ضرر بالإنسان أو الحيوان أو البيئة من أجل أن تعيش البشرية بسلام ووئام، ويعم العدل وينتشر الفضل بين العباد، جاء ليخرج الناس من جور الأديان وظلمات بني الإنسان إلى عبادة الواحد الديان سبحانه وتعالى وصيانة الإنسان، جاء ليقول على لسان الصادق المصدوق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام : «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبعْ بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً؛ المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى هاهنا (ويشير إلى صدره ثلاث مرات) بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» فلم يبق شيئاً مما يذهب صفو الحياة إلا ونهى عنه، لذلك فإن من أسلم وجهه لله تعالى، لا يعرف سوى السِّلم والمسالمة، يعيشه في نفسه وفي مجتمعه وبيئته، فيحيا حياة طيبة، ويكون داعيةً للإسلام بسلوكه قبل أقواله، وذلك ما يحبب الإسلام للناس، فيدخلون فيه رغَباً لا رَهباً، وحباً لا كرهاً، وامتثالاً ظاهراً وباطناً لا ظاهراً فقط.
الإسلام يحتفل بالسلام في كل حين، فالسلام شعار المسلم مع نفسه ومع غيره، فهو يلقيه على كل من لقيه، عرفه أو لم يعرفه، ويلقيه على نفسه ومجتمعه في مدخله ومخرجه، حتى وهو يناجي ربه في صلاته فإنه يجعل السلام ختام مناجاته، السلام هو شعار الأنبياء أجمعين، فإن الله تعالى لما خلق أبا البشرية آدم عليه السلام قال له ربه: «اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة، فاستمع ما يُحيونك، فإنها تحيَّتُك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه : ورحمة الله»، غير أن أتباع الأنبياء أعرضوا عن ذلك فاستبدلوه بعبارات لا تفيد معناه، ولا هي من مبناه، فكان السلام منشوداً لديهم لا واقعاً فيهم، فلذلك تفانوا في حروب طاحنة فيما بينهم، وافتعلوها لغيرهم، فعاشت البشرية شؤم القتال والدمار، ولو أنهم اتبعوا هدي أنبيائهم لم يفعلوها، وهكذا يكون حال من أعرض عن ذكر الله واتبع هواه.
السلام هو اسم من أسماء الله الحسنى، فمن تحلَّى به فقد تحلَّى بصفة من صفات الجمال الإلهي، ومن اتخذه شعاره في الدنيا يوشك أن يكون من أهل دار السلام، يعيش فيها بسلام، تلك الدار التي لا لغو فيها ولا تأثيم إلا قيلاً سلاماً سلاماً، تلك هي الجنة التي تكون تحية أهلها السلام، لأنهم سلموا في الدنيا من المعاصي والسيئات فسلموا في الآخرة من العذاب المهين.
السلام شعار المؤمن ودثاره، وشعار الشعوب التي تحب الحياة الكريمة.
جعلنا الله من أهل السلام في الدنيا والآخرة.
الإسلام يحتفل بالسلام في كل حين، فالسلام شعار المسلم مع نفسه ومع غيره.
«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.