الاحتياط واجب وليس خياراً
ما يحدث في العالم من حروب اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية، سيزيد من حدة حرب الغذاء على جميع الصعد.
لقد استوقفني تحذير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي عبّر من خلاله عن خوفه من حصول مجاعة قريباً، نتيجة الوضع العالمي المتأزم.
وأنا شخصياً، قد حذرت من ذلك سابقاً، واليوم لابد لنا كدول عربية أن نتعاطى مع هذا الخطر بجدية كبرى، وأن نستعد لأي سيناريو قد يحصل.
فالأمر لا يتعلق بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، بل من تداعيات هذا الأمر الذي سيشمل أوروبا كلها، غذائياً ومعيشياً، ومن الممكن جداً أن يتطور عسكرياً، فتتوسع دائرة الحرب لتشمل الدول المجاورة لتلك الدولتين.
القلق الجديد يأتي أيضاً من إمكانية بدء حرب فعلية بين الصين وتايوان، لتتوسع رقعة الحروب في العالم، وقد يحصل ما لا يحمد عقباه، كنتيجة خطأ في التقديرات أو في إدارة الصراع.
ما يهمنا أن نضيء على هذا الخطر الذي لا نتمنى له التصعيد، ولكن علينا كدول عربية أن نتعامل مع الواقع، وأن نحمي أنفسنا، ونعزز أمننا على المستويات كافة، وأهمها الغذائي، وبأسرع وقت ممكن.
الجميع يحذرون من شتاء قاس في أوروبا، ويحذرون من مشكلات فقدان الطاقة والغذاء. ولكن في حال حدوث ذلك، لا سمح الله، فهل سيقتصر ذلك على القارة الأوروبية، أو سيشمل كل القارات؟!
علينا أن نتوقع إغلاقاً للمنافذ كلها، الجوية والبرية والبحرية، في حال لم تتوقف بؤر التوتر والحروب العالمية فوراً.
علينا كعرب، أن نبدأ فوراً في تعزيز مجتمعاتنا، وحماية شعبنا من تداعيات التوترات الحاصلة في العالم.
أنا لست من المتشائمين، ولم أكن يوماً كذلك، ولكنني واقعي، وأخشى ما أخشاه أن نكون أمام مشهد مأساوي، ومجاعة قد لا تستثني أحداً.
الاستعداد لكل الاحتمالات هو جزء من ضمان أقصى حظوظ النجاح. على دول الشرق الأوسط أن تتجهز لهذه المخاطر، وتعمل على تأمين استقلاليتها، وعدم اعتمادها على أي من الأطراف لتأمين احتياجات شعوبها، والحفاظ على أمنهم.
لِمَ لا تعمل دول منطقتنا على خلق حلف شرق أوسطي مشابه لحِلف شمالي الأطلسي (الناتو)، معني بالحفاظ على أمنها؟ ولمَ لا يتم تفعيل دور صندوق النقد العربي، ليكون البديل الأفضل لصندوق النقد الدولي (IMF)؟ قد يشكك البعض في حدوث ذلك، ولكن إن وجدت النية، فستتمكن حكوماتنا الحريصة على أمن شعوبها من إيجاد الصيغة المناسبة.
علينا كعرب، حماية شعبنا من تداعيات التوترات الحاصلة في العالم.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.