مفهوم التعلم الحكومي (2)
استكمالاً لموضوع التعلم الحكومي، يستعرض مقال اليوم «سلم التعلم»، الذي تم استحداثه من قبل خبراء من البنك الدولي، وتم نشر تطبيقات سلم التعلم في تقرير زاد على الـ200 صفحة، وقد تم بناء نظرية التعلم الحكومي من خلال آلاف الملاحظات والمساهمات من العاملين في القطاع الحكومي ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية. وجدير بالذكر أن فكرة سلم التعلم هي مجرد آلية من آليات وطرق التعلم الحكومي، وليست الآلية الوحيدة. يتكوّن السلم من ثماني مراحل متتالية وهي التصور، التيقن، التكيف، الانعكاس الداخلي، الانعكاس الخارجي، إعادة التصور، التحول، والتكوين. تبدو هذه المراحل غير مفهومة، ولكنني اجتهدت في تعريبها بقدر الإمكان، وسيتم شرح كل مرحلة بإيجاز، وعندما يتم تنفيذ هذه المراحل يتم إنشاء عملية تعليمية تعمل على التغيير السلوكي في المؤسسات الحكومية وكذلك سلوك العاملين بل وكل المعنيين من شركاء ومتعاملين موردين... إلخ.
يتم اختيار الحدث الذي سيطبق عليه سلم التعلم وتصميم عملية بسيطة لتطبيق الخطوات الثماني، يتم فيها مراعاة كل الظروف المحيطة بالمؤسسة المعنية، مثل مستوى مهارة الأشخاص المعنيين، نسبة التمكين المتاحة لديهم، الخبرات السابقة، أي متطلبات محلية أو وطنية مثل الأجندة الوطنية.
المرحلة الأولى في سلم التعلم الحكومي هي التصور (أو الفهم) وتعني محاولة فهم الحدث موضع التعلم، فلو أن خطأ كبيراً حدث أو سياسة حكومية معينة لم تأتِ بما هو متوقع منها، يتم هنا فهم الأبعاد المتعلقة كافة بالموضوع خصوصاً في حالة الأزمات والكوارث، وهنا ينبغي وجود «ميسر» Facilitator لديه خبرة وتدريب كافٍ في أنواع التعلم للقيام بطرح الأسئلة وجمع المعلومات والبيانات اللازمة، مع وضع تعريف واضح للمشكلة وعمل تشخيص للوضع القائم، وتعتبر هذه المرحلة مشابهة للكثير من الأساليب الاستشارية الأخرى، حيث ينبغي دائماً فهم الوضع والإجابة عن الأسئلة كافة التي تؤدي لفهمه، المرحلة الثانية هي التيقن، حيث يتم عرض النتيجة المستخلصة والتحليل الذي تم في المرحلة الأولى على مجموعة خبراء من المعنيين الداخليين والخارجيين، فمثلاً لو تم عمل تحليل لفهم سبب فشل سياسة ما يتم عرض التحليل على كل عينة ممثلة من المعنيين بتلك السياسة للتيقن والتأكد من أن التحليل الذي تم في المرحلة الأولى هو تحليل دقيق، وقد توصل إلى الفهم الحقيقي للموضوع، وهذه المرحلة مهمة لأنها تعطي يقيناً بأن الأساس الذي سيتم البناء الجديد عليه هو أساس سليم ولا تشوبه أخطاء.
تأتي المرحلة الثالثة وهي التكيف، حيث يتم توزيع الأدوار على فريق العمل في ما يخص المراحل التالية من وضع الحلول، حيث يتم إعداد وثيقة بكل المتطلبات والموارد اللازمة سواء مالية أو بشرية أو لوجستية، مع وضع تصور زمني للمراحل التالية وإعادة تأكيد النتائج المرجوة مع صانعي القرار، حيث قد تتغير متطلبات أو احتياجات صانعي القرار بعد وضوح الملابسات في المرحلتين الأولى والثانية. على الرغم من أن تطبيق سلم التعلم يستغرق الكثير من الوقت لكنني سأقوم بشرحه كاملاً للأمانة العلمية ثم سأقدم نموذجاً مختصراً يتماشى مع طبيعة العمل الحكومي في عالمنا العربي. وللحديث بقية.
Alaa_Garad@
Garad@alaagarad.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.