ما وراء «الميتافيرس»
يقال «ما فاز باللذات إلا الجسور»، ولهذا فقد أدركت القيادة أن المخاطر الكامنة، فرص مخفية لم تكتشف بعد، ولهذا فعلينا أن نسعى لاستغلال هذه المنظومة التفاعلية التي ستغير حياتنا لتصبح أقرب لما كنا نشاهده في أفلام الخيال العلمي.
ولتبسيط التعريف الذي لايزال مبهماً عند الكثيرين، يمكننا أن نقول إن «الميتافيرس» غالباً تجربة مستخدم متطورة (بواسطة تقنيات وتطبيقات الواقع الافتراضي VR)، و(الواقع المعزز AR)، و(المجسات) التي تمكن من استشعار حركة الجسم ورد الفعل على التجربة.
ويتم صناعة وتشكيل «الميتافيرس» بواسطة منصات برمجية خاصة تتيح تصفح وتجربة هذه الأنماط والخبرات و التجارب. فالواقع الافتراضي هذا سيمكن المستخدمين من التفاعل مع بيئة رقمية تم إنشاؤها برمجياً وتفاعلياً مع مستخدمين آخرين. وجاء أول استخدام للمصطلح برواية الخيال العلمي (Snow Crash) للكاتب نيل ستيفنسون عام 1992، تضمنت تفاعل البشر كشخصيات خيالية (Avatar) مع بعضهم البعض ومع برمجيات، بفضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد يحاكي العالم الحقيقي.
ومع حلول عام 2026، تقدر القيمة السوقية لـ«الميتافيرس» بـ758.6 مليار دولار، الأمر الذي يجعلها صناعة واقتصاداً لا يمكن تجاهله. وما نراه من تنافس محموم على إنشاء المنصات وتطوير الأجهزة والتقنيات، بالإضافة إلى ما يمكن تسميته بأنظمة التشغيل. فلن يحتكر أي أحد كان «الميتافيرس»، وسيتنافس العديدون على تطوير الأجهزة والأدوات ومنصات التسليم وتخصيص تجربة متعامل غير مسبوقة.
إن محدودية قدرات بلد ناء أو دول العالم الثالث، قد تدفع لتحفيز العمل الإنساني لاستخدامها لأغراض التعليم والمحاكاة خصوصاً في التخصصات الفنية كهندسة الطيران والفضاء والطب وغيرها.
فمازلنا نرى أن المسارات العلمية والتعليمية وحتى الاقتصادية، تحبو ببطء.
ومع الأسف كررت بعض الجهات مقطعاً رقمياً مسجلاً «فيديو» يوهم بتمام التحول الرقمي المبهر والقفز لما وراء العالم! بينما في الواقع مازالت خطط التحول الرقمي وحتى الإلكتروني لدى البعض متعثرة، ورحلة المتعامل في الواقع الحقيقي مريرة ومركبة ولربما يدوية ولا توجد منهجية لتوثيق العمليات والإجراءات وحفظها رقمياً!
إن الخصائص التفاعلية المبهرة التي تعدنا بها هذه التقنية وغيرها ليست ملموسة اليوم، ولكن من المأمول أن تحل محل التصفح ثنائي الأبعاد الحالي لتكون بوابة عالم مواز ومتداخل بين الواقع والأرقام. فهذا العالم يوصف بأنه وريث التحول الرقمي الحالي، وأنه الثورة الرقمية المقبلة، وهو الأمر الذي يتحتم معه النظر لقياس التحول والنضج الرقمي بشكل مركب ومتغير وديناميكي، فالتقنية لم تعد نمط الحياة وإنما أصبحت جزءاً منها.
هل سنرى توعية تقنية نوعية؟ وهل سنرى منصات إماراتية تتيح «طلب العلم ولو في الميتافيرس»؟
أما بشأن الضوابط والقوانين والتشريعات، فلمقام ومقال آخرين، وللحديث بقية.
مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.