الإمارات ومصر.. نصف قرن من الشراكة الاستراتيجية
تقدم العلاقات الإماراتية - المصرية على مدى نصف قرن نموذجاً ملهماً يحتذى في العلاقات بين الأشقاء، ليس فقط لأنها ترتكز على ميراث تاريخ من الاحترام والتقدير المتبادل بين قيادتي الدولتين، منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإنما أيضاً لأن هذه العلاقات تتطور باستمرار في مختلف المجالات، حتى وصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية التي تتجاوز في مردوداتها الإيجابية الدولتين، لتسهم في تعزيز أسس الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
فالعلاقات الشخصية القوية بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تمثل رافعة قوية لعلاقات الشراكة بين البلدين. وأضفى التعاون والتشاور المستمر بينهما منذ تولي الرئيس المصري منصبه، عمقاً متزايداً على العلاقات الثنائية، إذ تعاونت الإمارات ومصر في معالجة العديد من الأزمات الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. فلاشك أن اللقاءات التي تجمع بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأخيه عبدالفتاح السيسي، تعبّر عن إدراك قيادتي الدولتين لأهمية التنسيق المشترك، من أجل بناء مواقف موحدة للتصدي لمختلف التحديات والمخاطر التي تواجه الدولتين، والدول العربية بوجه عام.
أثبتت الإمارات ومصر، خلال السنوات الماضية، أن جهودهما ومواقفهما المشتركة تجاه مختلف القضايا تعزز أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، فالبلدان يتبنيان رؤية موحدة تجاه الأزمات التي تشهدها العديد من الدول العربية، تنطلق من أهمية التسوية السياسية لتلك الأزمات، حفاظاً على مقدرات الشعوب العربية، وصوناً للسلامة الإقليمية للدول العربية، والحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها. كما تقود الدولتان الجهود الرامية إلى التصدي بقوة وحزم لظاهرة التطرف والإرهاب، وتعزيز العمل العربي والدولي المشترك لمكافحة هذه الآفة الخطيرة، التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، كما تعملان على تحفيز وتنسيق جهود المجتمع الدولي، لمواصلة التصدي للتنظيمات الإرهابية التي تسببت في تفشي الفوضى والاضطرابات بدول عربية عدة. كما تتبنى الدولتان رؤية موحدة في ما يتعلق بضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية في عالمنا العربي، والتصدي لأي تهديدات من شأنها النيل من المصالح العربية، حيث تدركان أن الحفاظ على سيادة الدول العربية وسلامة مؤسساتها، وتحقيق التطلعات المشروعة لمواطنيها، يمثل الركيزة الرئيسة للخروج من دوامة الأزمات التي تشهدها العديد من دول المنطقة، ولهذا تعملان على تعزيز التشاور المستمر والعمل على دعم أركان العمل العربي المشترك، بما يحفظ المصالح العربية العليا في مرحلة مفصلية في تاريخ المنطقة.
إن العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين الإمارات ومصر تستند إلى أسس راسخة ومتجذرة، تتنوّع بين الأخوة والتضامن والمصير المشترك والاحترام والتقدير المتبادل، حيث تدرك الإمارات أن مصر هي الركيزة الأساسية لأمن المنطقة واستقرارها، وصمام أمانها في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها، لما تمثله من ثِقل وتأثير كبيرين على الساحتين الإقليمية والدولية، وما تتسم به سياستها من حكمة واتزان وحسم. لذا فإن علاقات البلدين الشقيقين كانت ولاتزال وستظل علاقات متينة وصلبة، لأنها تستند إلى أسس راسخة ومتجذرة، إضافة إلى الإرادة السياسية لقيادتي البلدين الشقيقين، وما يجمع بين شعبيهما من روابط الأخوّة ووشائج المحبة والتقدير، فضلاً عن أن الواقع يؤكد بالفعل أن الإمارات ومصر تقفان معاً، بقوة وإصرار، في خندق واحد في مواجهة القوى التي تهدد أمن دول المنطقة وحق شعوبها في التنمية والتقدم والرخاء.
تؤكد الخمسين سنة الماضية للتطور المتنامي في مسار العلاقات الإماراتية - المصرية، والتوافق في الرؤى بين قيادتي الدولتين إزاء مجمل القضايا الإقليمية والدولية، والتعاون المستمر في ما بينهما، من أجل التصدي للمخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي، تؤكد بالفعل أن الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما وتترسخ يوماً بعد الآخر في مختلف المجالات، إنما تمثل رصيداً للأمة العربية بأكملها، وتعزز من قدرتها ومناعتها في مواجهة التحديات.
كاتب وإعلامي إماراتي