البراشيم!

البراشيم جمع برشامة، والبراشيم أنواع، منها براشيم وهي أوراق صغيرة كانت تستخدم للغش على فترة جيل الطيبين من أمثالي، وقد يكون هذا اعترافاً، وطبعاً أعرف ربعنا الفلاسفة أصحاب حرف «د» والمثاليين ومشاهير الفلس الحين بيقولون شوفوا كان يغش.

الوقت الذي يستغرقه «المبرشم» في كتابة البرشامة ستدرك معناه اليوم أمام براشيم الحياة، فلكل برشامة ثمن قد تدفعه في وقت لاحق، وحتى تفهم معنى ما أقصده يجب أن تكون خضت تجربة صناعة فن البراشيم في ماضيك، وإلا لن تفهم ما أعنيه اليوم!

لذلك سيفهم ملوك البراشيم أو كارتيلات الغش ما أعنيه جداً، وسيفسر المثاليون أو ستظهر على رؤوسهم هالة التعجب والغباء، وليس هالة الملائكة، ما أكتبه من زاويتهم السوداوية الضيقة!

وأتذكر أنني في أحد الأيام مرّرت ورقة كتبت عليها ملاحظاتي لمديري الأوحد المشهور بـ«برنيجليز لما تفك ما حتسك»، وكان هدفي تصحيح معلوماته الغلط، وهو في عز الحماس والاندفاع في شرح المعلومة الغلط، ولكنني فوجئت بأنه يقرأها بصوت عالٍ حيث التفت الجميع له، ومن ثم قام بإلقاء اللوم عليّ وأنني السبب في إحراجه، وطبعاً لأنه «برنيجليز لما تفك ما حتسك» فقد استمر في تحميلي الخطأ، وكنت ملتزماً الصمت، الأمر الذي أغضبه، ومن ثم تحول إلى إبراز كل أخطائي من لحظة ولادتي حتى تلك اللحظة، وأنا أحمل في جعبتي ابتسامة خبيثة على عكس عادتي ولم أفتعل مشكلة.

وفي اليوم التالي طلبني «برنيجليز» إلى مكتبه وحضرت مع ابتسامتي الخبيثة، فقال: «شو فيك تبتسم من البارحة بعد ما تسببت في إحراجي؟»، فقلت له: تبغي تعرف ليش أبتسم يعني؟ فقال «برنيجليز»: جاوب يا أبولسان طويل! فقلت له: تتذكر يوم نحن في الثانوية في الامتحان يوم عطيتك البرشامة عشان تجاوب تتذكر شو سويت وألا أذكرك؟ كتبت الجواب وحضرتك فرحان وما انتبهت إنك نقلت السؤال الثاني وحطيت الجواب بعد. أكمل وإلا شو؟ فقال ووجهه أحمر: خلاص روح الله يأخذ إبليسك ما تنسى شيء؟

تدل دربها: عزيزي، بعض البراشيم تأتيك كالعطايا لتمنحك فرصة في تصحيح خطأ قد يكلفك الكثير إن ارتكبته!

لذلك أحتفظ ببرشامتي في جيبي؛ عفواً أقصد أرشيفي المركزي، فقد أحتاجها يوماً ما، وإن لم تفهم ما أعنيه فلا تحملني ثمن غبائك المركب.

belhouldherar@gmail.com

dbelhoul @

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.