شواهد الحب
حين يقف خلفنا، يقوي ضعفنا، ويقبلنا بعيوبنا، ويحدب علينا كأم حانية أو أب عطوف.
حين يختار في كل وقت صفنا، فنكون الاستثناء دون العالم، والأولوية على كثرة الانشغال والهاتف الذي لا يحتمل تأخير الرد، والتواريخ المحفورة في القلب قبل الذاكرة.
حين يكون أماننا وعزوتنا ومتكأ أوقات الشدة والألم والمرض وبريق الضوء وسط عتمة الطريق.
حين يحفظ ملامحنا ويفهمنا دون بوح أو شكوى، ويستوعب غضبنا، ويحترم حقوقنا، ويعرف قدرنا، ويعتبرنا أكبر إنجازاته، وأعظم انتصاراته في الحياة.
حين نكون الاختيار الأمثل والمؤكد لو عاد الزمان، والشريك الذي يكتمل به النقص، ويُكتفى به عن الجميع.
حين يهدأ عبوس وجهونا بجواره، وتسكن معه مخاوف الغدر والخذلان، يقيناً بأن هناك من يخاف الله فينا، ويصون العهد والود.
حين نكون في عيونه الوطن والأهل ونور البيت ومصدر سعادته، حين يمتد بنا العمر فلا نخاف تجاعيد الزمان أو وهن الصحة أو تراجع الشغف.
هنا حين تسبق الأفعال الكلام وتصدق الوعود، نجد شاهد الحب الحقيقي ودليله الذي يُحس ونراه واقعاً، ويبقى معنا ما حيينا، حيث البداية من طرق البيوت وإظهار حُسن النوايا، وتأكيد صدق المبتغى.
هذا ما نحتاجه نحن النساء، ونحتاج أن نعلمه لبناتنا في كل وقت عن الحب وشواهده وأدلته، وسط تيار جارف مبتذل، نحتاج أن نحميهن بسياح الدين والأخلاق حتى نصل بهن إلى بر الأمان، ونخبرهن أن مفاتيح السعادة والخير والرزق كلها بيد الله جل وعلا، وما عند الله لا يؤخذ أبداً بمعصيته.
نحتاج أن نقول بلا خجل كل شيء، نعم كل شيء، بشرط أن ننتقي الطريقة التي تناسب سنهن، وتتناسب مع انفتاحهن على العالم من حولهن.
علينا أن نبرهن على شواهد الحب الحقيقي من تجارب وقصص وعبر وحكايات كانت نهايتها سعيدة، فقط لأن البداية كانت بدخول البيوت من أبوابها، وانتهت بزواج وتكون أسرة في وضح النهار.
علينا أن نؤكد لهن أن سعادتهن يجب أن تكون خالصة من أي ظلم أو تجاوز أو تعدٍّ على حقوق أخريات، وألا تبنى أبداً على هدم بيت أو تفريق أهل.
الوقت تغير كثيراً، وتغيرت معه مفاهيم وقواعد وأصول تربينا عليها نحن جيل الآباء والأمهات، لذا علينا أن نغرس في عقول بناتنا تحديداً، أنهن غاليات رفيعات المقام، وأن نلتصق بكل تفاصيلهن خارج البيت، ونهتم لما يشاهدنه في فضاء لا يرحم، فهذا دورنا الأسمى، وشواهد حبنا الحقيقي لهن.
• الوقت تغيّر كثيراً، وتغيّرت معه مفاهيم وقواعد وأصول تربينا عليها نحن جيل الآباء والأمهات.
amalalmenshawi@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.