عام جديد وفرص وفيرة
كل عام وأنتم بخير، ولا يسعنا إلا أن «نتعشم» خيراً في عامنا الجديد، على أمل أن تنتهي الحروب والصراعات، سواء على مستوى الدول أو الأشخاص. دائماً ما نجد أنفسنا نجتر شريط ذكريات وأحداث العام، لنقف على ما أنجزناه، وما لم نستطع إكماله، وكذلك ما لم نبدأ حتى في تنفيذه، وفي كل الأحوال، فالحمد والشكر لله على كل شيء. سواء كان العام المنقضي عاماً مثمراً أو لا، وأياً كان وضعنا النفسي والمالي والاجتماعي، فهناك أشياء كثيرة يمكن أن نقوم بها، وهي كفيلة ليس بإسعادنا فحسب، ولكن بإسعاد آخرين. يمكننا دائماً وأبداً أن نستعين بالمولى، عزّ وجلّ، على قضاء حوائجنا، ويمكننا أن «نتعشم» خيراً في كل الأحوال. من الجميل أن نتصدق ولو بكلمة أو ابتسامة، كما يمكن أن نعفو ونسامح، يمكننا أن نساعد محتاجاً أو نحل مشكلة لشخص ما. وكلما أعطينا منّ الله علينا «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» (الزلزلة 7-8).
لقد التقيت أشخاصاً حاولوا الانتحار سابقاً، ولكن هناك من أخذ بأيديهم، وساعدهم على العودة للحياة الطبيعية، والوقوف على أرجلهم من جديد، وهناك أشخاص مروا بمشكلات معقدة كفيلة بتدمير حياتهم، ولكن بمساعدة آخرين نجحوا في التغلب على مشكلاتهم، والخروج من الأزمة، وعلى العكس فهناك 2700 شخص ينتحرون كل يوم، لم يقدر لهم أن يجدوا من يأخذ بيدهم، وهناك أشخاص يخوضون معارك صامتة وحيدين منزوين يعانون دون أن يعيرهم أحد اهتماماً ولو بكلمة طيبة. حتى في إطار الأسرة الواحدة، قد تأخذنا الحياة، وننسى أقرب الناس إلينا، شريك حياتنا أو أبناءنا، إلى أن نصدم صدمة كبرى، لا قدر الله، فندرك ما ضيعناه، لذلك فالعام الجديد هو فرصة، بل فرص جديدة، وآمال جديدة، لكي نكون أفضل مما كنا في العام السابق. يمكن ببساطة أن نتبنى ممارسات جديدة لمساعدة الآخرين، وليس بالضرورة أن تكون المساعدة مادية، ولكن يمكن أن تكون بالنصح والتوجيه والاهتمام، بل حتى مجرد الاستماع الحقيقي لهم دون الحكم عليهم أو لومهم.
إحدى زميلاتي في العمل لديها عادة جميلة، حيث تساعد خمسة أشخاص مشردين كل شهر، ولو بمبلغ بسيط، وأحياناً تستضيفهم على العشاء أو الغداء، زميل آخر يساعد أشخاصاً لا يعرفهم في إتقان اللغة الإنجليزية، وآخرون يقومون بشراء دورات تدريبية «أونلاين» ويهدون الدورة لأشخاص بحاجة إليها لتطوير مهاراتهم. لاشك في أن كلاً منا لديه مهارات ومعارف يمكن أن تفيد أشخاصاً آخرين، وبالتالي فإن التطوع ببعض الوقت في مساعدة الآخرين سيكون له أبلغ الأثر في حياتهم، الأهم وكما أشير دائماً في هذا العمود إلى أن ننتبه إلى الأقربين، ولاسيما من يعتمدون علينا، ونحن مصدر الأمان لهم، فلا ننسى مسؤوليتنا تجاههم، خاصة الأطفال الذين يتأثرون بأبسط الأشياء، وقد تترك تصرفاتنا أثراً يستمر معهم مدى الحياة، سواء الأثر الطيب أو العكس. دائماً هناك فرصة للبدء والمحاولة، ولأن تبدأ متأخراً خيرٌ من ألا تبدأ. كل عام وأنتم بخير، وبداية جديدة سعيدة ومثمرة، بإذن الله.
Alaa_Garad@
Garad@alaagarad.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.