بين «هاري بوتر» و«هاري القذر»
تتقاطع قصّة الأمير هاري بعد صدور مذكراته «الاحتياطي» أو«البديل» مع شخصيّتين كلتيهما تحملان اسم هاري. فما حدث يوم صدور كتابه يشبه ما حدث مع روايات سميّه «هاري بوتر» إذ بلغت مبيعاته رقماً قياسياً في يومها الأول بمليون و400 ألف نسخة، ما يجعل منه الكتاب الأسرع مبيعاً في التاريخ بعد «هاري بوتر» و«حجر الفيلسوف».
أما التقاطع الثاني فمع سلسلة أفلام «هاري القذر» dirty harry بطولة النجم كلينت استود، فما فعله الإعلام البريطاني مكتوباً ومرئيّاً كان قاسياً؛ فهذا المذيع الشهير بيرس مورغان رمى الكتاب على الهواء مباشرة، وقال: «هذا مكانه المناسب»، وهذه صحيفة «دايلي ميل» وصفت الكتاب بالحقير وقالت عن هاري بأنه اختار «بصق أكبر قدر ممكن من السمّ». أمّا المكتبات حتى وهي تستفيد من الإقبال الشّديد على الكتاب آثرت إهانة المؤلف، فإحدى المكتبات الشهيرة عرضت الكتاب بجوار رواية «كيف تقتل عائلتك؟» ومكتبة أخرى بجوار كتاب «تاريخ الخيانة». وأظهرت استطلاعات الرأي تراجع شعبيّة الأمير المغضوب عليه منذ صدور الكتاب.
ولكن.. ما سر هذا الهجوم الكاسح، والكتب الفضائحيّة حول العائلة المالكة كثيرة، بل أصبحت ظاهرة في السنوات الأخيرة؟ أتفهّم دفاع البريطانيين عن كلّ ما يمسّ بسوء رمز إمبراطوريتهم، وبخاصة أن الطّعنة جاءت هذه المرة من ابن الملك نفسه، وأحد ورثة العرش وإن كان احتياطيّاً أو بديلاً كما وصف نفسه. وبخاصة أنّهم يرون أن هذه الطعنة صوّبتها لهم «ميغان ماركل» بيد زوجها الأمير هاري. ومع هذا أجدني أتساءل أليس من حقّ هذا الأمير الذي كان طفلاً يوم قُتلت أمّه، وحُرم باسم الأعراف الملكيّة من أن يبدي حزنه علناً فيما العالم كلّه يبكيها، كما حورب سرّاً وعلانيةً لأنّه تزوّج امرأة من عامة الشعب سوداء البشرة وصفها أخوه الأمير وليام بأنها «سيئة التربية وعدوانية»، أليس من حقه أن يكتب معاناته ويكشف عن وجعه.
أجدني مربكة بين التعاطف معه ومحاولة تفهّم دوافعه، وبين تساؤلي لماذا الآن تحديداً بعد تتويج والده ملكاً وغريمةِ أمه ملكةً وأخيه وريثاً للعرش، أعتقد أنها رسالة انتقامية من ميغان لهذه العائلة قرأها الأمير هاري نيابة عنها حين قال: «أنتم تعرفون ماذا فعلتم، وأنا الآن أعرف سبب قيامكم بذلك. وقد تمّ الإمساك بكم، لذا فاعترفوا بالأمر».
DrParweenHabib1@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.