تاريخ الحساء في المجتمعات البشرية
تختلف أطباق الأطعمة ويبقى الحساء الطبق المشترك في البيوت والمطاعم في العديد من بلدان العالم.
وتاريخ الحساء قديم قدم تاريخ الطبخ. منذ العصور القديمة، عُرِفَت عملية الجمع بين المكونات المختلفة في وعاء كبير لابتكار طعام صحي ومغذٍّ وسهل الهضم. هذا جعله الخيار الأمثل للأغنياء والفقراء، للبدو أو لأهل الحواضر، للأشخاص الأصحاء والمرضى على حد سواء.
وتختلف أطباق الحساء ( soup الإنجليزية، أو الشُورْبة كما تعرف في مصر والشورَبة حسب النطق الشامي)، وفقاً للأذواق ولما هو متاح محلياً من المكونات، فهناك شوربة نيو إنجلاند الأميركية، والجازباتشو الإسبانية، والبورشت الروسية، والمينيستروني الإيطالية، والبصل الفرنسية، والميسو اليابانية، وشوربة المأكولات البحرية، ولا ننسى شوربة العدس المفضلة في بلداننا العربية، وكذا شوربة الخضار و«لسان العصفور».
وكلمة soup مشتقة من الكلمة اللاتينية «suppa»، التي تشير إلى الخبز المنقوع في المرق. وقد اشتهرت في القرن السابع عشر تحت اسمها الفرنسي «soupe»، والكلمة أيضاً نجدها في لغة Proto-Germanic باسم «sup»، وبالعربية المحكية «شوربة»، ما يعني «السائل»، وسرعان ما أصبح الخبز المصاحب التقليدي لصحن الحساء، والنوع الوحيد من الحساء السميك كان عبارة عن خليط من الحبوب، أو من نباتات ولحوم مطبوخة في إناء، وهي لاتزال الغذاء الأساسي لكثير من الشعوب، والحساء لا يطبخ دائماً من الحبوب، ولكنه قد يتكون من أطعمة نشوية أخرى: البقوليات أو الكستناء أو الخضراوات الجذرية.
وشوربة «التشوْدر» هي يخنة الصيادين في فرنسا، وهي شائعة على طول الساحل من شمال بوردو إلى بريتاني. وشوربة الكونسوميه هي حساء شهير في المطبخ الفرنسي.
وشوربة الغازباتشو هي في الواقع طبق إسباني. تطورت الكلمة من اللغة العربية، فقد كان الكثير من فن الطهو في تلك المنطقة يتأثر بشكل كبير بالوصفات والمكونات الشرق أوسطية.
قدّم المبشرون الإسبان شوربة الطماطم هذه إلى أوروبا والعالم، وبعد أن اكتسبت شعبية في إنجلترا وفرنسا، قدّمها المستعمرون الإنجليز والمستوطنون الفرنسيون إلى مستعمراتهم المنتشرة في أنحاء العالم.
أما شوربة الحريرة فهي تعتبر من الشوربات التي تشتهر في المطبخ المغربي، حيث يتم تقديمها إلى جانب الأطباق المختلفة، وتمتاز بتعدد مكوّناتها كاللحم، والخضار، والتي تعطيها قيمة غذائية عالية، وهي سهلة التحضير ولا تحتاج إلى وقت طويل، ويمكن إضافة العديد من التوابل إليها كالقرفة، والهال.
في عام 1786، كانت فرنسا هي التي شهدت إنشاء أول مطعم فاخر لتقديم الحساء، وكان الفرنسيون هم من صاغوا المصطلحات consommé و bouillons للشوربة الصافية.
في حين أن للثقافة نسختها الخاصة من الحساء، فإن شعبية هذا الطبق أدت إلى المطالبة بطرق أسرع للحصول عليه. ابتكر عالم كيميائي موهوب اسمه الدكتور جون ت. دورانس فكرة رائعة هي شوربة كامبل المكثفة الشهيرة. بعد ذلك أصبح مفهوم الحساء والأطعمة الجاهزة للأكل سائداً.
وفي عالمنا المعاصر نمت ثقافة الأطعمة الجاهزة، فنرى الآن الحساء المجفف على رفوف السوبرماركت، وأصبحت مكعبات المرقة أول نوع من الحساء المجفف، فقد خطت اليابان خطوة للأمام وطوّرت Nissin Foods شوربة النودلز الشهيرة التي تجمع بين عش من النودلز المجففة ومكعبات المرق في عبوة واحدة، وكانت العبوات الصغيرة هذه مليئة بالنكهات والمكونات التي قدمت الوجبة السريعة المثالية المطلوبة في عالم اليوم.
إنّ عالم الشوربات واسع ومتنوع جداً. ادخل إلى هذا العالم وتعرّف إلى الطرق التي يستخدم بها الناس مكوناتهم لصنع هذا السائل الساخن واللذيذ.
باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.