قمة الحكومات.. اللقاء الأهم في خِضّم الأزمات
العالم ليس بخير، والبشرية كلها بات ينتابها القلق من حاضرها ومستقبلها، فمن تحديات اقتصادية فرضتها تداعيات جائحة «كورونا» إلى موجة التضخم والركود التي تجتاح العديد من دول العالم حتى المتقدمة منها، مروراً بالحرب الأوكرانية وتداعياتها وغموض نهاياتها، والتوتر المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة، والتحديات الصحية وما يتهدد البشرية من أوبئة وفقر ومجاعات، وتحديات أزمة التغير المناخي والسيناريوهات المرعبة التي تقدمها الأبحاث العلمية حول مستقبل الكرة الأرضية، وتحديات الأمن الغذائي العالمي، وانتهاء بالكوارث الطبيعية وعلى رأسها الزلازل، والتي كان آخرها الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية وخلّف خسائر كارثية في الأرواح والممتلكات.
أمام هذه الصورة التي تبدو قاتمة للبشرية، فإن أحوج ما يحتاجه العالم حالياً هو اللقاء والتحاور واستشراف المستقبل، وقراءة السيناريوهات والبحث في إمكانية وضع حلول للأزمات القائمة والمتوقعة. ولا أفضل من منصة عالمية تجمع صنّاع القرار في العالم من القمة العالمية للحكومات التي تنطلق اليوم في دبي في دورتها العاشرة، وتجمع 20 رئيس دولة وحكومة وأكثر من 250 وزيراً و10 آلاف من المسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين، بجانب ممثلي أكثر من 80 منظمة عالمية، فيما تتضمن القمة أكثر من 220 جلسة، يتحدث خلالها 300 شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصنّاع المستقبل.
تدرك الإمارات التي تتبنى نهجاً قائماً على التآلف والتعاون لمصلحة البشرية، أن مجرد التقاء قادة العالم وصناع القرار فيه، وسط هذه الظروف، هدف جليل، ولربما يشكل محطة لاستشراف المستقبل وإعادة توجيه البوصلة نحو القضايا الإنسانية المُلحّة، والتركيز على ما ينفع البشرية ويخفف من معاناتهم، ويهيئ الأجواء لحل الصراعات المتفاقمة في أكثر من صعيد.
من هنا جاء ترحيب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بضيوف دولة الإمارات المشاركين في القمة، حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن دولة الإمارات حريصة على تعزيز التعاون بين حكومات العالم، والمشاركة الفاعلة في الجهود الدولية لمواجهة التحديات العالمية وبناء مستقبل أفضل للبشرية. ومن وحي الفهم العميق لظروف العالم يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن تحديات جديدة تواجه عالمنا المتغير كل يوم، والتعاون الوثيق بين حكومات العالم يعزز الأمل بغدٍ إنساني أفضل، مشيراً سموه إلى أن القمة العالمية للحكومات مثال ساطع لما يمكننا فعله لخدمة الحضارة البشرية وأجيالنا القادمة.
نحن هنا في دولة الإمارات احترفنا صناعة المستقبل مبكراً، وتبنينا بفضل القيادة الفذّة مبادرات خلاقة، ذهبنا بها إلى المستقبل ولم ننتظره، وتجاوزنا بفضل الرؤية الحكيمة تحديات غرق بها العالم، وباتت الدولة فعلاً لا قولاً مختبراً حقيقياً للمستقبل، يُلهم الشرق والغرب، ويقدم رؤاه لسعادة البشرية، الرؤى القائمة على الحق والعدل والسلام، وحل الخلافات بالطرق السلمية واستلهام الثورة التقنية والتكنولوجيا لابتكار ما يسعد الإنسان.
فأهلاً بـ10 آلاف من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين، وقادة الفكر والخبراء العالميين الأبرز في العالم، في اللقاء الأهم في خضم الأزمات العالمية، في أرض الفرص ونموذج المستقبل الماثل أمام أعينهم. أهلاً بالخبراء وهم يستشرفون معنا مستقبل الذكاء الاصطناعي، ويجيبون على أسئلة تتعلق بمستقبل التحول الرقمي، وكفاءة العمل الحكومي ومستقبل خدماتها، وحوكمة الميتافيرس، وأولويات الاستدامة لدى الشباب العربي، وتحولات الرعاية الصحية، والتحديات الأخلاقية للابتكارات والأجهزة الحديثة، ومستقبل التعليم، وغيرها العشرات من العناوين التي تهم البشر على امتداد الكرة الأرضية. أهلاً بالعالم القلِق الباحث عن سبل سعادته. أمام هذه الصورة التي تبدو قاتمة للبشرية، فإن أحوج ما يحتاجه العالم حالياً هو اللقاء والتحاور واستشراف المستقبل.
@MunaBusamra
Muna.busamra@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.